نام کتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس نویسنده : ابن العربي جلد : 1 صفحه : 490
الخاتمة. وقد قيل لرسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [1]، فلم يبق للخشية وجه. وقد أجبنا عن هذا السؤال في الكتاب الكبير [2]، وأقوى وجه فيه أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، إن كان قد أَمِن العقاب فإنه كان يخشى من العتاب [3]، هذا جواب أهل الإشارة [4]، وقال سائر العلماء: إنما غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر بشرط امتثاله لما أمر به واجتنابه لما نُهي عنه [5]. [1] سورة الفتح آية (2). [2] الكتاب الكبير ذكره أيضاً في المسالك على موطأ مالك ك 295. [3] هذا الكلام هنا هو عيب كلامه في المسالك ل 295 دون زيادة أو نقص، ويدل لقول الشارح قوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ}. [التوبة آية 43] وقوله: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} [سورة عبس آية 1،2] قال أبو جعفر النحاس: عفا الله عنك معناه قولان. [1] - أحدهما أنه افتتاح الكلام كما تقول أصلحك الله كان كذا وكذا. [2] - القول الآخر وهو أولى لأن المعنى عفا الله عنك ما كان من ذنبك في أن أذنت لهم، ويدل على هذا {لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} لأنه لا يقال: لم فعلت ما أمرتك به. والأصل أن يقال: لم فعلت لأحد فعل شيئاً لم يؤمر به. إعراب القرآن للنحاس 2/ 21.
وقال القرطبي: أخبره بالعفو قبل الذنب لئلا يطير قلبه فرقاً وقيل {عَفَا الله عَنْكَ} ما كان من ذنبك في أن أذنت لهم .. ونقل عن القشيري قوله: هذا عتابَ تلطف إذ قال: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ} وكان عليه السلام أذن من غير وحي نزل فيه. قال قتادة وعمرو بن ميمون: ثنتان فعلهما النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ولم يؤمر بهما: أذنه لطائفة من المنافقين بالتخلف عنه ولم يكن له أن يمضي شيئاً إلا بوحي، وأخذه من الأسرى الفدية فعاتبه الله كما تسمعون.
قال بعض العلماء: إنما بدر منه ترك الأولى فقدم له العفو على الخطاب الذي هو صورة العتاب، القرطبي 8/ 155.
وقال في سورة عبس: هذه الآية عتاب من الله لنبيه، - صلى الله عليه وسلم -، في إعراضه وتوليه عن عبد الله بن أم مكتوم، ونظير هذه الآية في العتاب قوله في سورة الأنعام: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} وكذلك في سورة الكهف: {وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}. القرطبي 19/ 212 - 214، وانظر زاد المسير 3/ 444، ومختصر تفسير ابن كثير 2/ 145، وتفسير أبي السعود 5/ 155. [4] هذا ما يطلقه على أهل الصوفية. [5] قال ابن كثير: هذا من خصائصه، - صلى الله عليه وسلم -، التي لا يشاركه فيها غيره. وليس حديث صحيح في ثواب الأعمال لغيره غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهذا فيه تشريف عظيم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو - صلى الله عليه وسلم - في جميع أموره على الطاعة والبر والاستقامة لم ينلها بشر سواه. مختصر تفسير ابن كثير 3/ 340.
نام کتاب : القبس في شرح موطأ مالك بن أنس نویسنده : ابن العربي جلد : 1 صفحه : 490