وقال أبو حاتم؛ وأبو زرعة: قيس بن طلق ليس ممن تقوم به حجة، وَوَهَّناهُ ولم يُثْبِتَاه.
وحديث قيس -كما لم يخرجه البخاري، ومسلم في كتابيهما- لم يَحْتَجَّا بشيء من رواياته ولا روايات أكثر حديثه؛ في غير هذا الحديث.
وحديث بسرة: وإن لم يخرجاه في كتابيهما لاختلافٍ في سماع عروة منها؛ فقد احتجا بسائر رواة حديثهما.
وإذا ثبت سؤال عروة بسرة عن هذا الحديث، وكان الحديث صحيحًا على شرط البخاري ومسلم، ويكفي في ترجيح حديثهما من طريق الإسناد.
واحتج البخاري ومسلم بأحاديثها دون أحاديث قيس بن طلق.
وأما ما احتجوا به من أقاويل الصحابة فقد قال الشافعي: قول من لم يوجب منه إنما قاله بالرأي، والذي أوجب الوضوء منه أوجبه بالحديث الثابت عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -؛ وما وجب بالحديث لم يكن في قول أحد خالفه حجة على قوله -واللَّه أعلم.
وقال الشافعي: وخالفنا بعض الناس في هذا القول؛ وعاب علينا الرواية عن بسرة، والذي يعيب علينا الرواية عن بسرة؛ يروي عن عائشة بنت عجرد، وأم خداش، وعدة من النساء غير معروفات في العامة، ويحتج بروايتهن ويضعف بسرة مع سابقتها وقديم هجرتها وصحبتها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد حَدَّثت بهذا في دار المهاجرين والأنصار وهم متوافرون؛ فلم يدفعه منهم أحد بل عَلِمْنا بعضَهم صار إليه عن روايتها منهم: عروة بن الزبير، وقد دفع وأنكر الوضوء من مس الذكر قبل أن يسمع الخبر، فلما علم أن بسرة روته قال به، وترك قوله، وسمعها ابن عمر تُحَدِّث به فلم يزل يتوضأ من مس الذكر حتى مات، وهذه طريق أهل الفقه والعلم.