والمختار على قياس رد المرسل: أن التابعي والصحابي إذا عُرِفَ تصريح خبره، أو بعادته أنه لا يروي إلا عن صحابي قُبِلَ مُرْسَلُهُ؛ وإن لم يُعْرَفْ ذلك فلا يُقْبَلُ.
وأما أبو حنيفة، ومالك، والنخعي، وحماد بن أبي سليمان، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، ومن بعدهم من أئمة الكوفة فذهبوا إلى: أن المراسيل مقبولة محتج بها عندهم، حتى إن منهم من قال: إنها أصح من المسند، فإن التابعي إذا أسند الحديث أجاز الرواية على من رواه عنه؛ وإذا قال، قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فإنه لا يقول إلا بعد اجتهاد في معرفة صحته.
وإنما عمل الشافعي بهذا الحديث لأمرين:-
أحدهما:- أنه قد رواه من طريق مسندًا عن جابر.
والآخر:- أن هذا المعنى قد رُوي عن جماعة من الصحابة مسندًا، فقد ذكر الشافعي من طرقه طريقين:-
أحدهما:- عن بسرة، والآخر:- عن أبي هريرة.
فخرج بهذين الأمرين عن حكم المرسل من الحديث، هو أن يروي الراوي حديثًا عمن لم يعاصره.
وله أوضاع واصطلاح وأنواع من أهل الحديث، إلا أنهم أكثر ما يطلقون المرسل إذا رواه الشافعي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيخصون أمثال هذه الرواية بالمرسل، وإن كان غيرها مما هو في معناها مرسلًا أيضًا، مثل: أن يروي التابعي عن الصحابي ونحو ذلك، وقد خصوا هذا باسم آخر فقالوا: هو منقطع، ولهذا شرح وبيان قد استقصيناه في كتاب "جامع الأصول في أحاديث الرسول".
أخبرنا الشافعي، أخبرنا القاسم بن عبد اللَّه، أظنه عن [عبيد] [1] اللَّه بن [1] ما بين المعقوفتين بالأصل [عبد] وهو تصحيف وقد نقله بعد قليل على الصواب، وفي المسند بترتيب السندي (90) كما أثبتناه.