فأما البخاري: فأخرجه عن أصبغ [عن] [1] ابن وهب، عن عمرو بن الحارث المخزومي، عن أبي النضر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد اللَّه بن عمر، عن سعد بن أبي وقاص: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين" وأن عبد اللَّه بن عمر سأل عمر عن ذلك؟ فقال: نعم، إذا حدثك سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا فلا تسأل عنه غيره.
وأما النسائي: فأخرجه عن سليمان بن داود والحارث بن مسكين، عن ابن وهب، بإسناد البخاري: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على الحفين".
لم يزد على هذا القدر.
وهذا الحديث مؤكد لجواز المسح على الخفين.
ويشبه إنكار ابن عمر على سعد؛ إنما هو لأنه رآه يمسح وهو مقيم أمير على الكوفة، فاستغرب المسح للمقيم، وإلا فابن عمر، ما كان يغيب عنه جواز المسح للمسافر، وهو من أعيان الصحابة وفقهائهم، وقد صحب رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - في أسفاره؛ وصحب أباه وغيره من الصحابة فما كان يجهل هذا القدر.
وأما مسح المقيم فجائز أن يغيب عنه ولا يعلمه، لأن المقيم قد يتوضأ في بيته في غالب الأمر؛ ولا يراه إلا من هو عنده من أهله وخاصته، فلذلك يكون قد خفي عليه فأنكره -واللَّه أعلم- وأما جواب عمر لابنه، فمن أبلغ الأجوبة وأكملها, لأنه لما رأى وقد خفي عليه جواز المسح؛ علم أنه يخفى عليه ما هو أخفى منه من حكم جواز المسح فقال له: إذا أدخلت رجليك في الخفين وهما طاهرتان فامسح عليهما.
فعرفه بذلك جواز المسح، والحال التي يجوز المسح عليها.
وكذلك ما أحسن أدبه -رضي اللَّه عنه- لما رأى ابنه وصغيره؛ وقد أنكر [1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل واستدركته من صحيح البخاري، وأصبغ هو: ابن الفرج المصري.