إذا تميز كان الحكم له، وإن كانت لها أيام معلومة فإن اعتبار الشيء بذاته وبخاص صفاته أولى من اعتباره بغيره من الأشياء الخارجة عنه؛ فأما إذا عدمت التمييز فالاعتبار بالأيام.
وبيان المذهب: أن من رأت الدم واتصل بها أكثر من خمسة عشر يومًا في سن المحيض، فقد اختلط حيضها باستحاضتها, وللمستحاضة أربعة أحوال.
أحدها: أن تكون مميزة لا عادة لها.
والثانية: أن تكون معتادة لا تمييز لها.
والثالثة: أن تكون لها عادة وتمييز.
والرابعة: أن تكون مُبْتَدَأة لا عادة لها ولا تمييز.
أما المميزة: فإن كان يختلف دمها فترى بعضه أسود شديدًا، وبعضه مشرقًا أو يكون بعضه أحمر وبعضه أصفر؛ فإن هذه ترد إلى تمييزها ويكون الدم الأسود حيضها؛ بشرط أن لا يزيد على خمسة عشر يومًا ولا ينقص عن يوم وليلة؛ والأصل في التمييز حديث فاطمة هذا.
فأما المعتادة التي لا تمييز لها: فهي امرأة لها أيام تحيضها في كل شهر فلما كان بعض الشهور اتصل بها الدم وعم خمسة عشر يومًا بصفة واحدة؛ فإنها ترد إلى أيام عادتها؛ فيكون حيضها تلك الأيام والباقي استحاضة؛ والأصل فيه حديث أم سلمة الثاني بهذا الحديث [1].
وأما التي لها عادة وتمييز: فظاهر مذهب الشافعي أن التمييز يقدم على العادة؛ وهو مذهب الأوزاعي، ومالك، وأبي إسحاق.
وقال قوم من أصحاب الشافعي: بل ترد إلى العادة، وهو مذهب أبي حنيفة [1] أي: الحديث الآتي في هذا الباب ويأتي بعد قليل.