"والميقات": مفعال من الوقت، يريد الوقت الذي تعيده من الحيض.
وهذا الحديث بخلاف حديث عائشة وحديث أم سلمة، وإنما هو للتي لا عادة لها ولا تمييز.
فكذلك قد ذكر الشافعي على الأحكام الثلاثة ثلاثة أحاديث كل حديث لحكم منها؛ ورد النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها إلى العرف الظاهر، والأمر الغالب من أحوال النساء، كما حمل أمرها في محيضها في كل شهر مرة واحدة؛ على الغالب من عاداتهن ويدل على ذلك قوله: "كما تحيض النساء ويطهرن" ميقات حيضهن وطهرهن. وهذا أصل في قياس أمر النساء؛ بعضهن على بعض في باب الحيض، والحمل؛ والبلوغ، وما أشبه ذلك من أمرهن.
وقوله: "ستًّا أو سبعًا" يحتمل أن يكون ذلك على غير وجه التخيير بين الستة والسبعة؛ لكن على معنى اعتبار حالها بحال من مثلها؛ وفي مثل سنها من نساء أهل بيتها؛ فإن كانت عادتها مثلها منهن أن تقعد سِتًّا قعدت ستًّا؛ وإن سبعًا فسَبْعًا؛ ويحتمل: أن تكون هذه المرأة قد ثبت لها فيما تقدم من أيام ستة أو سبعة، إلا أنها قد نسيتها فلا تدري أيتهما كانت؛ فأمرها أن تتحرى وتجتهد وتبني أمرها على ما تتبينه من أحد العددين.
ومن ذهب إلى هذا استدل بقوله: "في علم اللَّه" أي فيما علم اللَّه من أمرك من ستة أو سبعة -واللَّه أعلم.
أخبرنا الشافعي: أخبرنا ابن عيينة قال: أخبرني الزهري، عن عروة، عن عائشة أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت سبع سنين فسألت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إنما هو عرق وليست بالحيضة" وأمرها أن تغتسل وتصلي؛ فكانت تغتسل لكل صلاة وتجلس في المركن فيعلو الدم".
وقد رواه المزني عن الشافعي نحوه، وقال في آخره: "وكانت تجلس في