فإذا مررتَ بقبره فاغقِر له ... كوم الهجان وكل طِرف سابحِ
وَانضح جوانب قبره بدمائها ... فلقد يكون أخا دم وذبائح
أي: فلقد كان.
والقول الثالث: أنه فعل تقدم على حرف الشرط، والنية فيه التأخير كما أن النية في قوله: "إن صدق" التقديم؛ ألا ترى أن "أفلح" و"دخل" هو جواب الشرط، لأن التقدير إن صدق أفلح وإن صدق دخل الجنة، وإنما قدم الجواب لفهم المعنى، [والنحويون] [1] يقولون: إن هذا وأمثاله ليس جوابًا للشرط، ولكنه دال على جواب الشرط سادٌّ مسَدَّهُ، والجواب محذوف تقديره أفلح إن صدق أفلح، لأن الجواب محله التأخير؛ وهو يتنزل منزلة الجزء من الجملة وجزء الجملة إذا كان متأخرًا لا يتقدم عليها؛ وإنما يظهر هذا إذا كان الجواب فعلًا مستقبلًا، حتى يظهر فيه الإعراب فإنه يرتفع بعد أن كان مجزومًا، تقول: أقوم إن قمت، فترفع أقوم وكان قبل التقديم مجزومًا، تقول: إن قمت أقم، فلما ارتفع في حالة التقديم دل على أنه غير الجواب وأنه ساد مسد الجواب.
وقد ذهب قوم من النحاة إلى أنه لا يجوز ذلك مع الماضي، قالوا: لا يقال: قمت إن قمت، ولا أخطأت إن خالفتني على هذا التقدير؛ الذي قلناه في التقديم والتأخير؛ ويجوز ذلك مع المستقبل تقول: أقوم إن قمت.
وهذا ليس بصحيح، فإن ذلك قد جاء في القرآن العزيز، قال اللَّه تعالى {قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا في مِلَّتِكُمْ بَعْدَ [إِذْ] [2] نَجَّانَا الله مِنْهَا} [3]، وكثيرًا ما قد جاء ذلك في الحديث.
وقد كان سبق لي قديمًا؛ كلام وجيز في رسالة ضمنتها مسألة سئلت عنها، [1] بالأصل [النحيون] وهو تصحيف. [2] بالأصل [ا] وهو خطأ. [3] الأعراف: [89].