من مسائل الطلاق المعلق بالشرط، وهي إذا قال لزوجته: طلقتك إن دخلت الدار، هل يقع الطلاق وإن لم تدخل الدار، أو لا تطلق حتى تدخل الدار؟ وأشبعت القول فيها، فلتطلبه من هناك.
وأما قوله: "أفلح وأبيه إن صدق" فأقسم بأبيه وقد جاء النهي عن القسم بالآباء؟، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحلفوا بآبائكم" حتى قال عمر بن الخطاب: ما حلفت بها [منذ] [1] سمعت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ينهي عنها ذاكرًا ولا آثرًا" [2].
ووجه الجمع بينهما: أن هذه كلمة جارية على ألسن العرب تستعملها كثيراً في خطابها، تريد تارةً القسم، وتارة التوكيد، وتارة لا قَسَمًا ولا توكيدًا، إنما هو استمرار في جاري عاداتهم، ولا يخلو أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه بعد القسم به في هذا الحديث, فيكون النهي ناسخًا له، وإن كان قبله فيحتمل أمورًا:
أحدها: أن يكون من قِبَلِ اللَّغْوِ البخاري على اللسان المعفوِّ عنه مما لا يقصده المتكلم، وإنما جرى على العادة الطبيعية المألوفة في اللسان العربي.
قال بعضهم: إنما نهاهم عن ذلك لأنهم كانوا يضيفون القسم إلى آبائهم تعظيمًا لشأنهم، ولا يضمرون فيها مضافًا محذوفًا نحو قولك: لا ورب أبي، ويكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أضمر اسم اللَّه تعالى عند قوله: "أفلح وأبيه" وهذا فيه بُعْدٌ- وإن كان حَذْفُ المضاف شِرْعةٌ مَطْروقةٌ؛ وسنة مألوفة كثيرة الاستعمال في القرآن والحديث وفصيح الكلام.
ويجوز أن يكون لما كان القسم دأب الأعرابي؛ فالسامع كذلك يعلم من حال الأعرابي، ولأنه ليس في محل تعظيم النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبيه حتى يقسم به، [1] سقط من الأصل والمثبت من رواية الصحيحين. [2] أخرجه البخاري (6647) ومسلم (1646).