وكذلك جاء في سياق حديث الشافعي في ذكر وقت العصر قال: "حين كان ظل كل شيء مثليه" فإن الشخص هو الذي يتقدر به الظل لا يتقدر هو بالظل؛ ولكن لما كان المراد في هذا الحديث إنما هو بيان الظل إذ به يحصل الاعتبار لا بالشخص فكأن الشخص وإن كان هو سبب الظل؛ فقد سقط النظر إليه باعتبار [....] [1].
في الجو قَلَّ جرمه وصفى وشف تكاثفه، فإذا كانت الشمس قريبة من الأفق؛ وحال الغبار والبخار بين الناظرين وبينها، تكدر لونها وانكسر نورها ومال إلى الحمرة والاصفرار؛ فأراد بقوله: "والشمس بيضاء" أنها كانت عالية مرتفعة، وقد صرح به في بعض روايات هذا الحديث.
والغرض من ذلك تعجيل صلاة العصر، والمبادرة إليها في أول وقتها.
وأما قوله: "حية" فقد تقدم بيانه في حديث ابن عباس.
وقد جاء في بعض روايات الحديث قال: "حية وحياتها أن يتحد حرها".
و"العوالي": أماكن قريبة من المدينة، ولكنها عالية، وقد جاء في بعض الروايات: أنها من المدينة على أربعة أميال، وفي بعضها على ميلين أو ثلاثة ونحوه.
ووجه الجمع بين هذه التقديرات: أن ما كان منها قريبًا فهو على ميلين، وما كان منها أبعد من ذلك فثلاثة، وما بَعُدَ أكثر منه فأربعة.
وأما "قباء" فهو الموضع المعروف قريبًا من المدينة، وفيه المسجد الذي أسس على التقوى في قولٍ؛ وهو في مساكن بني عمرو بن عوف الأنصاري.
وقوله: "محلقة": أي مرتفعة، ومنه حلَّق الطائر إذا ارتفع في طيرانه.
وقد أخرج الشافعي في القديم: عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن عمر بن الخطاب كتب إلى [أبي] [2] موسى أن صَلِّ العصر والشمس بيضاء [1] وقع سقط في المخطوط. [2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل والصواب ما إثباته وقد أخرج الأثر عبد الرزاق في "المصنف" (2036,2035) من وجهين آخرين بنحوه.