على قياس قولهم: يوم راح إذا كان شديد الريح، كما قال: ليلة باردة قال: ليلة ذات ريح، لأنه أحسن وأكثر استعمالًا، وإنما كان ازدواج اللفظ أن يقول: ليلة باردة راحة، لولا قلة الاستعمال وقال: ليلة ذات برد، وذات ريح.
"والرِّحال": جمع رحل للإنسان وموضعه الذي يكون فيه متاعه.
"ويوم مطير"، "وليلة مطيرة": إذا كان فيها مطر.
"والغداة القرة": الباردة ويوم قر، والقُرُّ بالضم: البرد.
وقوله في الرواية الثالثة "في الليلة المطيرة، والليلة الباردة ذات ريح، فيه نظر، فإن الموصوف معرفة والصفة نكرة، وهذا لا يجوز، لا تقول: هذا زيد ظريف، وظريف صفة لزيد حتى تقول: الظريف، فإن جعلته حالًا نصبته فقلت: هذا زيد ظريفًا، كقوله تعالى: {وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا} [1] فإن صحت الرواية بقوله: في الليلة الباردة ذات ريح، ولم يكن خطأ من الكُتَّاب والرواة فإنما يكون منصوبًا على الحال لا مجرورًا على الصفة، التقدير في الليلة الباردة ذات ريح، كما تقول: ضرب زيد عمرًا ذا ذنب، فتنصبه على الحال من عمرو، ورأيت في كتاب البيهقي: في الليلة الباردة ذات الريح، وهذا دليل على أن التحرف من الكُتَّاب- واللَّه أعلم.
قوله: "كان يأمر مناديه" دليل على أن ذلك معتاد عنده مألوف، ولم يقع نادرا ولا مرة واحدة، وذلك بقوله كان يفعل.
والذي ذهب إليه الشافعي: مستدلًّا بهذا الحديث هو أمران:-
أحدهما: يتعلق بالأذان وهو جواز الكلام فيه، ولذلك أخرج الرواية الأولى.
قال الشافعي: وأحب للإمام أن يأمر بهذا إذا فرغ المؤذن من أذانه، فإن قاله في أذانه فلا بأس عليه، والمستحب له أن لا يتكلم في أذانه، لأنه يقطع توالي [1] هود: [72].