وإليه ذهب الشافعي: أن يقول مثل ما يقول المؤذن، إلا في "حي على الصلاة"، "حي على الفلاح"، فإنه يقول: لا حول ولا قوة إلا باللَّه، وذلك لأن هذا دعاء إلى الصلاة وليس ذكرًا للَّه تعالى، والأجر في الدعاء يحصل لمن يسمع بها، فيصح أن يكون عليه السلام أمر من يحكى [1] المؤذن؛ أن يجعل الحوقلة أن يحكيه في الأذان؛ أن يحصل لعلة الأجر ولمحض الأجر [2].
وقد جاء في العربية ألفاظ مركبة مثل الحيعلة، مركبة من حي على الفلاح، والحوقلة من لا حول ولا قوة إلا باللَّه، والبسملة من بسم اللَّه الرحمن الرحيم، والسبحلة من سبحان اللَّه، والحمدلة من الحمد للَّه، والهيللة من لا إله إلا اللَّه، والجعفلة من جُعِلْتُ فداك، والدمعزة من دام عزك، والطبقلة من طال بقاؤك.
وإنما قال في جواب حي على الصلاة والفلاح: "لا حول ولا قوة إلا باللَّه"، لأنه لما دعاه المؤذن إلى الصلاة قال: لاحول لي ولا قوة على إجابتها والمجيء إلى الصلاة إلا باللَّه تعالى.
وقد اختلف العلماء هل يقول المصلي ذلك؟
فقيل: يقوله أخذًا بعموم الخبر.
وقيل: لا يقوله لأن الشغل بالصلاة أولى.
وقيل: يقوله في النافلة دون الفريضة، لأن النافلة أمرها أخف.
وقوله: "إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن" ولم يقل المنادي، لأنه لما قال النداء -وهو لفظ مشترك بين نداء الصلاة وغيره- عدل إلى لفظ المؤذن عن المنادي، لئلا يتكرر لفظ النداء أولًا وآخرًا، فيقوى في النفس أحد القسمين على الآخر، فأما حيث قال "المؤذن" فإن ذلك الوهم زال، وَيُمحَّضُ النداء للصلاة خاصة دون غيرها. [1] أي قال مثل قوله سواء ولم يجاوزه. انظر اللسان مادة: حكى. [2] كذا العبارة في الأصل.