"والأمناء": جمع أمين، وهو الثقة الحافظ لما اؤُتمِنَ عليه تقول: أمنته على كذا وائتمنته بمعنى، وإنما كان المؤذن أمينًا للمسلمين على صلاتهم، لأنهم بأذانه يصلون فهم يتبعونه ويعتمدون على شهادته وأذانه، فهو يعينهم على وقت صلاتهم.
والذي ذهب إليه الشافعي: أن المؤذن ينبغي أن يكون عدلًا، ثقة، عارفاً بأوقات الصلاة لأمرين:-
أحدهما: ما ذكرناه من معرفته بالوقت وتقليد الناس له، فإنه إذا لم يكن ثقة؛ لم يؤمن أن يؤذن في غير الوقت للجهالة ولعدم الأمانة.
الأمر الثاني: أنه يستحب للمؤذن أن يؤذن في موضع عالٍ، فيحتاج أن يشرف على الناس، فربما رأى من حرم الناس ما لا يجوز له.
وأخبرنا الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الأئمة ضمناء والمؤذنون أمناء، فأرشد اللَّه الأئمة، وغفر [1] للمؤذنين".
وقد أخرج الشافعي في كتاب الإمامة [2] عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم فأرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين". [1] في المطبوعة بترتيب السندي (وغفر). [2] الأم (1/ 159).