وأخبرنا الشافعي: أخبرنا مالك، عن يحيى بن سعيد عن النعمان بن مرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما تقولون في الشارب والزاني والسارق"؟ وذلك قبل أن ينزل الله الحدود -فقالوا: الله ورسوله أعلم؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " [هن] [1] فواحش وفيهن عقوبة؛ وأسوأ السرقة الذي يسرق صلاته"، ثم ساق الحديث.
هكذا جاء في المسند ولم يذكر باقيه، وقد أخرجه الموطأ [2] بتمامه؛ "قالوا: وكيف يسرق صلاته يا رسول الله؟ قال: "لا يتم ركوعها ولا سجودها"، قال النعمان: وكان عمر يقول: إن وجه دينكم الصلاة فَزَيِّنُوا وجه دينكم بالخشوع.
"الشارب": اسم فاعل من شرب يشرب شُرْبًا فهو شارب، ويقال ذلك: لكل من شرب شيئًا من المياه والمائعات واللبن ونحوه، ثم جعله كثرة الاستعمال إذا ذُكِرَ مطلقًا خاصُّا بشارب الخمر والنبيذ حتى كأنه موضوع في الأصل له، فإذا قيل: فلان شارب وفلان يشرب لا يذهب الفهم إلا في ذلك، وإذا أريد أنه شرب شيئًا بعينه؛ قرن به لفظ المشروب حتى يُعْرَفَ، فيقال: شرب ماءً، وشرب لبنًا وغير ذلك.
ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث: "ما تقولون في الشارب؟ ".
يريد به شارب الخمر.
وقوله: "قبل أن ينزل الحدود" غنية لسؤاله - صلى الله عليه وسلم - إياهم عن الواجب على [1] ما بين المعقوفتين سقط بالأصل، والمثبت من مطبوعة السنن. [2] الموطأ (1/ 153 رقم 72).
وتقدم ذكر قول ابن عبد البر: لم يختلف الرواة عن مالك في إرسال هذا الحديث عن النعمان بن مرة، وهو حديث صحيح مسند من وجوه من حديث أبي هريرة وأبي سعيد.
وانظر الاستذكار (6/ 282).