"والطَّوَّافُ": الذي يدور حول الإنسان والبيت، وغير ذلك.
وهو: "فَعَّال" من طاف يطوف، وهذا [1] الياء للمبالغة، فإن "ضَرَّابًا"، أكثر من "ضَارِب"، وهو الذي يكثر وقوع الفعل منه، ويتكرر مرات.
"وإنَّما": حرف مُرَكَّبٌ من حرفين، هما "إنَّ" و"ما" "فإنَّ" للتحقيق و"ما" كافَّة، فلما دخلت عليها كَفَّتْهَا عن الذي يَخُصُّها، وهو: نصب الاسم، تقول قبل دخولها: "إنَّ زيدًا قائمٌ"، وبعد دخولها "إنَّما زيدٌ قائمٌ".
وحدث لها مع التركيب معنىً مُسْتَجَدٌّ، وهو: قَصْرُ الحكم على الشيء، أو قصر الشيء على الحكم تقول في الأول: "إنما المنطلقُ زيدًا"، وفي الثاني: "إنما زيدٌ المنطلق" فقصرت الانطلاق على زيد، وقصرت زيدًا على الانطلاق.
وهكذا قوله: "إنما هي من الطَّوَّافين" قَصَرَ الِهَّرةَ على الطواف، ولكنه جعلها بعضًا مِنْ كل، بقوله "من الطوافين" فإن القصر غير موجود فيها.
ولقوله - صلى الله عليه وسلم - "من الطوافين والطوافات" تأويلان:-
أحدهما: أنه شَبَّههًا بخدم البيت، وبمن يطوف على أهله للخدمة، ومعاناة الاشتغال، كقوله تعالى: {طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [2] يعني: العبيد والخدم.
والثاني: أن يكون شَبَّهَهَا بمن يطوف بالإنسان للحاجة والمسألة، يريد أن الأجر في مواساتها؛ كالأجر في مواساة من يطوف بها للحاجة، ويتعرض للمسألة.
وإنما قال: "من الطوافين والطوافات" بِجَمْعِ السَّلاَمَة، وجمع السلامة إنما هو لمن يعقل، لأنه لما أضافها ونسبها، وشبهها بهم؛ حسن له ذلك. [1] كذا بالأصل. [2] النور: [58].