نام کتاب : إكمال المعلم بفوائد مسلم نویسنده : القاضي عياض جلد : 1 صفحه : 550
فَقَالَ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا. ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ، وَتَحِلُّ الشَّفَاعَةُ، وَيَقُولُونَ: اللهُمَّ، سَلِّمِ سَلِّمْ ". قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الْجِسْرُ؟ قَالَ: " دَحْضٌ مَزَلَّةٌ فيه خَطَاطِفُ وَكَلَالِيبُ وَحَسَكٌ، تَكُونُ بِنَجْدٍ فِيهَا شُوَيْكَةٌ يُقَالُ لَهَا: السَّعْدَانُ. فَيَمُرُّ الْمُؤْمِنُونَ كَطَرْفِ الْعَيْنِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ وَكَالطَّيْرِ وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ، فَنَاخ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويَستدِلُّ بعضُهم من هذا مع قوله تعالى {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ} على جواز تكليف ما لا يُطاق؛ لأنهم دُعوا إلى السجود ومُنعوا من التَّمكُّن منه، فجعل ظهورهم طبقاً واحداً.
وأجاب عن هذا من مَنَع تكليفَ ما لا يُطاق: بأن هذا الدعاء دُعَاءُ تبكيتٍ وتعجيز، لا دعاء تكليف، كما قال لهم: {ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فالْتمِسُوا نُورًا} [1] و {قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا} [2] وقد شُبَّه على قومٍ من منتحلى الحديث والسُنَّةِ بظاهر هذا الحديث، وهو قول السَّالميَّة، على أن المنافقين وبقايا من أهل الكتاب يرون الله مع المؤمنين لذكرهم فى هذه الجملة بقوله: " وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله " وفى الحديث الآخر: " حتى إذا لم يبق إلا من كان يعُبدُ الله من بَرٍّ وفاجر وغير أهل الكتاب " كذا للسمرقندى ولغيره: " غابر " [3] أى بقايا، ولا جلاءَ فيما قالوه، وهذا الظاهر يصرفُهُ ما هو أجلى منه مما أجمع أهل السنة عليه - قبل مقالة هذا القائل - وعلى حَمْلِهِ على ظاهره من حَجْب الكفار عن الرؤية لله وقوله: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} [4] ثُمَّ يَرُد عليه ما وقعُ مُفَسَّراً فى هذا الحديث، وأن رؤيتهم لربهم إنما كانت بعد رفع المؤمنين رؤوسهم من السجود الذى مُنعه غيرهم، وحينئذ يقول لهم: " أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا " فهو فى هذه الرواية بيِّنٌ وخاصٌ بمن كان يسجُدُ لله من تلقاء نفسه، كما قال فى الحديث، ولِصحَّةِ إيمانهِ دون غيرهم، ولذكره تساقط اليهود والنصارى فى النار قبل هذا.
وقوله: " ثم يُضرَبُ الصِراطُ على ظهرانى جهنَّم " ويُروى: " ظهْرَى جهنم " وهما لُغتان، قاله الأصمعى، وقال الخليل: هو بين ظهْرَى القومِ وظَهْرانَيْهم، أى بينهم.
وفيه صحة أمر الصراط والإيمان به، والسلفُ مجمِعُونَ على حمله على ظاهره دون تأويل، والله أعلم بحقيقة صفته، وهو الجِسْر، كما جاء فى الحديث الآخر، ويُقالُ [1] الحديد: 13. [2] الإسراء: 50. [3] فى ت: غُبَّر. [4] المطففين: 15. وقد قال الإمام الشافعى: هذه الآية دليل على أن المؤمنين يرونه عز وجل يومئذ. قال الحافظ ابن كثير: وهو قول فى غاية الحسن، وهو استدلال بمفهوم هذه الآية، كما دلَّ عليه منطوق قوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةِ. إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَة} القيامة: 22، 23. قال: وقد قال ابن جرير الرازى عن الحسن فى قوله: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُون} قال: يكشف الحجاب، فينظر إليه المؤمنون والكافرون ثم يحجب عنه الكافرون وينظر إليه المؤمنون كل يوم غدوة وعشية. تفسير القرآن العظيم 8/ 373.
نام کتاب : إكمال المعلم بفوائد مسلم نویسنده : القاضي عياض جلد : 1 صفحه : 550