responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان نویسنده : حطيبة، أحمد    جلد : 1  صفحه : 2
تعريف الصوم في اللغة والغاية العظمى منه
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
نبدأ من هذه الليلة إن شاء الله في شرح كتاب الصيام وأعمال شهر رمضان، فإننا نحتاج إلى معرفة هذه الأحكام فنقول: لقد فرض الله سبحانه وتعالى الصيام، وجعله ركناً من أركان الإسلام، وذكر الله عز وجل في كتابه أحكاماً تفصيلية للصيام في خمس آيات من سورة البقرة، من قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة:183]، إلى قوله: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ} [البقرة:187]، فالصيام فريضة فرضها الله عز وجل علينا، وفرضها على الأمم من قبلنا، فهو تهذيب للنفوس، وشعور يجعل المؤمن يشعر بحاجة الفقير والمسكين إلى الطعام والشراب، فالصوم يهذب نفسه، ويجعله يرحم غيره من الخلق، ويقربه من الله سبحانه وتعالى، ويعينه على العبادة، فالمسلمون في هذه العبادة يصومون في شهر واحد، ويقومون في هذا الشهر في صلاة التراويح معاً، ويتعاونون على البر والتقوى، وعندما يأتي وقت زكاة الفطر يخرجون الزكاة معاً في وقت محدد من أواخر هذا الشهر قبل يوم العيد، فالمسلمون في هذا الشهر يجتمعون على أنواع من الطاعات والقربات، من صيام وصلاة وقيام وإطعام للفقراء وإخراج للزكاة، وهذا يؤلف بين قلوب الجميع من الفقراء والأغنياء، والكبراء والمتواضعين، وغير ذلك من الحكم الظاهرة من وراء هذا الصيام العظيم.
والأصل في الصيام معناه اللغوي، وقد جاءت الشريعة بالصيام على معناه اللغوي، ثم أعطت له معنى شرعياً لا يخرج عن معناه اللغوي، فقيدته بقيود، فالصيام لغةً: الإمساك، فإن أمسك عند الطعام والشراب سمي صائماً، وإن أمسك عن الحركة أو الكلام سمي صائماً، لكن الشريعة قيدت المعنى اللغوي للصيام بالمعنى الشرعي.
إذاً: الصوم في اللغة بمعنى: الإمساك، فكل إمساك يطلق عليه صيام، فيقال: صام إذا سكت، وصامت الخيل إذا وقفت ولم تتحرك، قال الله عز وجل لمريم عليها السلام: {فَإِمَّا تَرَيِنَ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم:26]، ما هو هذا الصوم؟ {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا} [مريم:26]، فهو صوم عن الكلام، قال ابن عباس: معنى قوله تعالى: {نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم:26] أي: سكوتاً وصمتاً.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: كل ممسك عن كلام أو طعام أو سير فهو صائم.
وقال النابغة: خيل صيام وخيل غير صائمة تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما فصائمة أي: لا تتحرك، وتحت العجاج أي: تحت التراب والغبار، تعلك اللجما أي: تحرك أفواهها وكأنها تنظر إلى اللجام المعقود عليها.
وقال الخليل: الصيام: قيام بلا عمل، والصوم: الإمساك عن الطعام، وصام الفرس أي: قام على غير اعتلاف، وصام النهار أي: إذا قام قائم الظهيرة واعتدل، يعني: بأن توسطت الشمس في كبد السماء واستقامت، والصوم أيضاً: ركود الريح، يقال: صامت الريح: إذا ركدت ولم تتحرك.
ويطلق الصيام كذلك على السياحة، والسياحة: أن يسافر الإنسان من بلد إلى بلد آخر بحثاً عن مكان يتعبد الله فيه، فيسمى الصائم سائحاً، وقد تتبع العلماء النصوص فيجدوا أن الله عز وجل إذا ذكر الصيام لم يذكر السياحة، وإذا ذكر السياحة لم يذكر الصوم، وذلك في معرض الحديث عن العبادات، قال تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب:35]، فذكر الصوم ولم يذكر السياحة، وقال سبحانه: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ} [التوبة:112]، فذكر السياحة ولم يذكر الصوم، وكأنه أبدل الصوم بكلمة السائحين، وقد قال أهل التفسير: السياحة هنا بمعنى: الصيام، فهو داخل في عموم المعنى اللغوي للسياحة: وهو السفر من بلد إلى آخر بحثاً عن مكان يتعبد الله فيه.
وقال في سورة التحريم لنساء النبي صلى الله عليه وسلم: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} [التحريم:5]، فذكر السياحة ولم يذكر الصوم، وهذا دليل على أن السياحة هنا بمعنى: الصيام، يقول الزجاج: السائحون في قول أَهل التفسير واللغة جميعاً: الصائمون.
وإنما قيل للصائم: سائح؛ لأن المتعبد يسيح في الأرض ولا زاد معه، فهو لا يهتم كثيراً بطعام أو شراب، فتراه لا يطعم إلا إذا وجد الزاد، وكذلك الصائم فهو لا يطعم أيضاً، فلشبهه بالسائح سمي سائحاً، هذا تعريف الصيام في اللغة.

نام کتاب : شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان نویسنده : حطيبة، أحمد    جلد : 1  صفحه : 2
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست