سبب الخلاف:
اجتماع أكثر من وصف في المال المراد زكاته، وهي وصف السوم في الأنعام، ووصف التجارة في الغَلّة، مع خلافهم في المراد بالمستغلات وفي حكم زكاتها، فمن اعتبر وصف السوم وقدمه على وصف التجارة قال بزكاة السائمة، ومن ألغى وصف السوم لوجود وصف التجارة فإنه يقول بزكاة التجارة، ومن اعتبر الحيوانات وغلتها مالَيْن، فقد أوجب الزكاة في كُلٍّ منهما، لوجود مقتضيها وانتفاء المانع منها، ومن اعتبر الحيوانات من المستغلات أجرى فيها الخلاف في زكاة المستغلات وسيأتي [1].
القسم الثاني: أن تكون الحيوانات المنتجة مما لا تجب الزكاة في عينه كالغزلان والطيور والوحوش ونحوها، فقد اختلفوا في حكم زكاتها وزكاة غلتها على أقوال أبرزها: القول الأول: وجوب تزكية الحيوانات مع غلتها زكاة التجارة، وقال بذلك الدكتور أحمد الكردي [2]، والدكتور محمد رأفت عثمان [3]، ويمكن تخريج هذا على قول عند المالكية، ورواية الحنابلة في إيجاب زكاة حلي الكراء [4]، فقد خرَّج ابن عقيل [5] على هذه الرواية وجوب تزكية العقار المعد للكراء، وكل سلعة تؤجر وتعد للإجارة [6]. [1] في المبحث الثاني من الفصل الثاني. [2] ينظر: بحوث وفتاوى فقهية معاصرة (303). [3] ينظر: زكاة الأنعام 12/ 244 من ضمن أبحاث وأعمال الندوة الثانية عشرة لقضايا الزكاة المعاصرة. [4] ينظر: بداية المجتهد 3/ 73، الإشراف على نكت مسائل الخلاف 1/ 401. [5] ابن عقيل: هو علي بن عقيل بن محمد بن عقيل الحنبلي، ولد سنة 431 هـ، كان له تعظيم لمذهب السلف، إلا أنه شارك المتكلمين في أصولهم، وقد تكلم عنه الذهبي بإنصاف في السير مع نقله تعليقات المحدثين عليه، وهو صاحب كتاب الفنون توفي سنة 513 هـ، [ينظر: ذيل طبقات الحنابلة (1/ 142)، سير أعلام النبلاء (19/ 443)]. [6] ينظر: بدائع الفوائد لابن القيم 3/ 1075 حيث نقل عن ابن عقيل قوله: "وإنما خرجت ذلك =