وأما التعليل: بأن الضرائب إذا كانت عادلة فإنها تحتسب من الزكاة، لتحقيقها لمقصد الزكاة من سَدِّ خَلَّة الفقراء، فإنه لا يُسَلَّم لما تقدم بيانه من اختصاص الزكاة بشرائط وأركان لا تجتمع مع الضريبة بحال، مع اختلاف النية في كل منهما، وعدم صرف الضريبة كلها في مصارف الزكاة، فأما إن صرفت في مصارف الزكاة، ونواها الدافعُ زكاةً فإن لاحتسابها عندئذ وجها سيأتي بيانه -إن شاء الله- [1].
أدلة القول الثاني: الدليل الأول: أن الزكاة عبادة يُشْتَرَط فيها نيةُ التقرب إلى الله، وذلك مُتَعَذِّر في الضريبة [2].
ويناقش: بأنه يمكن لدافع الضريبة أن ينوي عند دفعها التقربَ إلى الله، لا سيما إن كانت تصرف في مصارف الزكاة، فإن لم تكن كذلك فإن النية لا تكفي في تحويل الفريضة المالية إلى عبادة شرعية مع اختلاف الحقيقة.
الدليل الثاني: أن الضريبة تؤخذ من الناس بغير اسم الزكاة، فلا يشرع عندئذ لدافعها احتسابها من الزكاة [3].
ويناقش: بأنَّ أَخْذَهَا بغير اسم الزكاة يكون مؤثرا إذا لم تصرف في مصارف الزكاة، وهو الغالب، فإن صُرِفَتْ في مصارفها فلا أثر لأخذها مع اختلاف المسمى.
الدليل الثالث: اختلاف الزكاة عن الضريبة من وجوه كثيرة، كمصدر التشريع، [1] ينظر: الترجيح (ص 325)، وقد تقدمت الإجابة من أصحاب القول الثاني عن ذلك، كما في الصفحة السابقة، وفي حاشية رقم (2) من كلام الدكتور القرضاوي ردًّا على الشيخ أبي زهرة. [2] ينظر: فقه الزكاة 2/ 1056، والزكاة والضرائب في الفقه الإسلامي للبعلي (ص 530)، ضمن أبحاث الندوة الرابعة لقضايا الزكاة المعاصرة. [3] مجموع الفتاوى 25/ 93 الزواجر عن اقتراف الكبائر 1/ 353.