المراد بمصرف الرقاب الدفع للمجاهدين، فكذا يجب الدفع للرقاب، ولا يتحقق هذا إلا في المكاتب، بخلاف الإعتاق، فالدفع فيه للسيد لا للعبد [1].
2 - أن الواجب إيتاء الزكاة، والإيتاء تمليك، والدفع إلى المكاتب تمليك، فأما الإعتاق فليس بتمليك [2].
ويُناقش هذا والذي قبله: بأن الصرف للرقاب لا يلزم منه تمليكهم، ولا الدفع لهم، وإنما صرف الزكاة فيما يتحقق فيه عتق الرقبة أو يعين على ذلك، لكون الصرف إليهم ورد بلفظ (في)، ولم يرد بلفظ اللام التي تقتضي التّمليك [3].
3 - الإعتاق يوجب الولاء للمعتق، فكان حقه فيه باقيا، ولم ينقطع من كل وجه، فلا يتحقق الإخلاص المشترط في العبادة، والزكاة عبادة، فلا تتأدى بما ليس بعبادة، فأما الذي يدفع إلى المكاتب فينقطع عنه حق المؤدي من كل وجه، ولا يرجع إليه بذلك نفع، فيتحقق الإخلاص [4].
ونوقش: بأنه "إن خِيف عليه أن يصير إليه ميراث عتيقه بالولاء، فإنه لا يُؤْمَن أيضًا أن يجني جنايات يلحقه وقومَه عقلُها، فيكون أحدهما بالآخر، وينبغي لمن لم يُجِز هذا أن يَكره صدقةَ الرجل على أبويه أو على أحدٍ من أقربائه خِيفةَ أن يموت [1] ينظر: المجموع 6/ 184. الشرح الكبير 7/ 240. [2] ينظر: بدائع الصنائع 2/ 72. [3] قال في التفسير الكبير (16/ 90): "ولما ذكر الرّقاب أبدل حرف اللام بحرف في فقال: {وَفِي الرِّقَابِ}. فلا بد لهذا الفرق من فائدة، وتلك الفائدة هي أن تلك الأصناف الأربعة المتقدمة يدفع إليهم نصيبهم من الصدقات حتى يتصرفوا فيها كما شاؤوا، وأما في الرّقاب فيُوضع نصيبهم في تخليص رقبتهم عن الرق، ولا يدفع إليهم، ولا يمكنوا من التصرف في ذلك النصيب كيف شاؤوا، بل يوضع في الرّقاب بأن يؤدي عنهم". [4] ينظر: المرجع السابق، الشرح الكبير 7/ 234.