ونوقش: بأن مسألة عدم الضمان بهلاك النصاب مسألة خلافية مبنية على مسألةِ فوريةِ إخراج الزكاة، فيضمن عند من يقول بالفورية، ولا يضمن عند من لا يقول بها [1].
الترجيح: يترجح القول الأول لقوة أدلته، وإمكان الإجابة عن أدلة القول الثاني (2) [1] ينظر: المرجع السابق.
(2) وقد أجاز الفقهاء القائلون بفورية إخراج الزكاة تأخيرَ إخراجها للحاجة المعتبرة، ومن ذلك ما يلي: [1] - إذا كان على رب المال مضرَّةٌ في فورية الإخراج، مثل مَنْ يحول حَوْلُه قبل مجيء الساعي، ويخشى إن أخرجها بنفسه أن يأخذها الساعي منه مرة أخرى.
2 - إذا خَشي في إخراجها ضررًا في نفسه أو مال له سواها؛ وذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ولا ضرر ولا ضِرَار" (رواه أحمد 5/ 326، ومالك في موطئه في الأقضية برقم 1435، وابن ماجه في الأحكام 2430 وصححه الألباني كما في الإرواء برقم 896 جـ 3/ 408). ولأنه إذا جاز تأخير قضاء دَيْن الآدمي لذلك، فتأخير الزكاة أولى.
3 - إذا أخّر إخراجها لمصلحة، كما لو أَخَّرها ليدفعها إلى من هو أحق بها، كذي القرابة أوذي الحاجة الشديدة، أو ليدفعها إلى الجار أو الأصلح؛ وذلك لأنه تأخير لغَرَض ظاهر، وهو حيازة الفضيلة. واشترط بعضهم أن يكون التأخير حينئذٍ يسيرًا، كما أن التأخير في هذه الحالة مشروط بما إذا لم يشتد ضرر الحاضرين وفاقتهم، فإن تضرروا بالجوع لم يجز التأخير.
4 - إذا تردّد في استحقاق الحاضرين، فيؤخِّرها ليتروّى في معرفة الأحق بالزكاة.
5 - إذا تعذَّر إخراج الزكاة فورًا، إمّا لغَيْبَة المُسْتَحِق، وإمّا لغيبة المال، كما لو سافر المالك وحال الحول عليه أثناء سفره، وهكذا لو مُنِع من التصرّف في المال بسبب سرقته أو غصبه، فله تأخير إخراجها لعدم الإمكان، ولو قَدَر على إخراجها من غير المال المُزَكَّى لم يلزمه؛ لأن الأصل إخراج زكاة المال منه، وجواز الإخراج من غيره رخصة، فلا ينقلب تضييقًا. ينظر شرح مختصر خليل للخرشي 2/ 227، مغني المحتاج 2/ 129، المغني 4/ 147، وانظر تلك الأعذار وغيرها في استثمار أموال الزكاة للفوزان (ص 76).