فجهته التي صلى إليها هي القبلة، وهكذا قضاء الحاجة، يشرّق أو يغرّب أو يشمّل أو يجنّب على حسب جهته التي تخالف القبلة)) [1]. قال - عليه الصلاة والسلام - في ذلك: ((إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولكن شرّقوا أو غرّبوا)) [2].
ويسقط استقبال القبلة في الأحوال الآتية:
الحالة الأولى: إذا اجتهد في استقبال القبلة طاقته ثم صلى فأخطأ؛ لقول الله تعالى: {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ} [3]؛ ولقوله تعالى: {لاَ يُكَلّفُ الله نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [4]؛ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما في صلاة أهل قباء إلى الشام، فأُخْبروا أن الله قد أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - باستقبال المسجد الحرام، فاستقبلوا الكعبة وهم في صلاتهم)) [5]. والشاهد في الحديث أنهم بنوا على ما صلوا، ولم يقطعوا الصلاة، بل استداروا إلى الكعبة. وقد رُوِيَ عن عامر بن ربيعة - رضي الله عنه - أنه قال: ((كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في ليلة مظلمة فأشكلت علينا القبلة، فصلينا، فلما طلعت الشمس إذا نحن صلينا لغير القبلة، فنزلت: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ الله})) [6]. وسمعت الإمام عبد العزيز ابن باز - رحمه الله - يقول عن هذا الحديث: ((ضعيف عند أهل العلم، ولكن معناه صحيح، ويعضده عموم الأدلة والأصول المتبعة في الشريعة: {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ}.
والواجب على المسافر إذا حضرت الصلاة أن يجتهد ويتحرّى القبلة ثم يصلي حسب اجتهاده فإن ظهر بعد ذلك أنه صلى إلى غير القبلة أجزأته صلاته؛ لأنه أدَّى [1] سمعته من سماحته أثناء شرحه لحديث 226 من بلوغ المرام. [2] متفق عليه من حديث أبي أيوب - رضي الله عنه -:البخاري، كتاب الصلاة، باب قبلة أهل المدينة وأهل الشام والمشرق، برقم 394،ومسلم، كتاب الطهارة، باب الاستطابة، برقم264. [3] سورة التغابن، الآية: 16. [4] سورة البقرة، الآية: 286. [5] متفق عليه: البخاري برقم 403، ومسلم، برقم 526، وتقدم تخريجه بلفظه. [6] الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة البقرة، برقم 2957وضعفه، ولكن ذكر له العلامة الألباني طرقًا وشواهد عند الحاكم،1/ 206،والبيهقي، 2/ 10، وغيرهما، ثم حسنه في إرواء الغليل، 1/ 223، والآية 115 من سورة البقرة.