فإذا شَرْجَة من تلك الشِّراج [1] قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبَّع الماء,
فإذا رجل قائم في حديقته يُحوِّل الماء بمسحاته فقال له: يا عبد الله ما اسمك؟ قال: فلان، للاسم الذي سمع في السحابة، فقال له: يا عبد الله: لم تسألني عن اسمي؟ قال: إني سمعت صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسقِ حديقة فلانٍ لاسمك، فما تصنع فيها؟ قال: أمَّا إذا قلت: هذا فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثُلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثاً، وأردُّ فيها ثلثه)) وفي لفظ: ((وأجعل ثلثه في المساكين، والسائلين، وابن السبيل)) [2].
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من يوم يصبح العباد فيه إلا مَلَكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً)) [3].
10 - تشرح الصدر وتدخل السرور على المنفق المتصدق، فالمتصدق إذا أحسن إلى الخلق، ونفعهم بما يملكه من المال، وأنواع الإحسان، انشرح صدره؛ فالكريم المحسن أشرح الناس صدراً، وأطيبهم نفساً، وأنعمهم قلباً، والبخيل الذي لا يحسن أضيق الناس صدراً، وأنكدهم عيشاً، وأكثرهم همّاً وغمّاً، لكن لا بد من العطاء بطيب نفس، ويخرج المال من قلبه قبل أن يخرج من يده [4].
11 - الصدقة تُلحق المسلم بالمؤمن الكامل؛ لحديث أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [1] الشرجة: وجمعها شراج: مسائل الماء في الحرار، شرح النووي، 18/ 325. [2] مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب فضل الإنفاق على المساكين وابن السبيل، 18/ 325. [3] مسلم، كتاب الزكاة، باب في المنفق والممسك، برقم 1010. [4] انظر: زاد المعاد، لابن القيم، 2/ 25، والشرح الممتع لابن عثيمين، 6/ 10.