الظَّالِمُونَ} [1]. وهذا من فضل الله ولطفه بعباده أن أمرهم بتقديم شيء مما رزقهم؛ ليكون لهم ذخراً وأجراً في يوم يحتاج فيه العاملون إلى مثقال
ذرة من الخير، فلا بيع فيه، ولو افتدى الإنسان نفسه بملء الأرض ذهباً ليفتدي به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منه، ولم ينفعه خليل ولا صديق: لا بوجاهة, ولا بشفاعة [2].
وقال - سبحانه وتعالى -: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} [3].
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال: ((أن تصدَّق وأنت صحيح شحيح, تخشى الفقر، وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلانٍ كذا, ولفلانٍ كذا، وقد كان لفلان)) [4].
الشح عام غالب في حال الصحة، فإذا سمح فيها وتصدق كان أصدق في نيته وأعظم لأجره، بخلاف من أشرف على الموت وأيس من الحياة، ورأى مصير المال لغيره؛ فإن صدقته حينئذ ناقصة بالنسبة إلى حالة الصحة والشح رجاء البقاء وخوف الفقر، وهو يطمع في الغنى ([5])، [1] سورة البقرة, الآية: 254. [2] انظر: تفسير السعدي، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص 110. [3] سورة المنافقون، الآية: 10. [4] متفق عليه: البخاري، كتاب الزكاة، باب فضل صدقة الصحيح الشحيح، برقم 1419، وكتاب الوصايا، باب الصدقة عند الموت، برقم 2748، ومسلم، كتاب الزكاة، باب بيان أن أفضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح، برقم 1032. [5] انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 7/ 129 - 130.