وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخل، وكان أحب أمواله إليه بَيْرُحاء وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس: فلما
نزلت هذه الآية: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [1]، قام أبو طلحة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن الله تبارك وتعالى يقول: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وإن أحبَّ أموالي إليَّ
بَيرُحاء [2] وإنها صدقة لله أرجو برَّها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((بَخٍ [3]، ذلك مال رابح [4] ذلك مال رابح، وقد سمعتُ ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين)). فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه)). وفي لفظ: ((فجعلها في حسان بن ثابت وأبي بن كعب)) [5].
قال الإمام النووي رحمه الله: ((وفي هذا الحديث من الفوائد ... أن الصدقة على الأقارب أفضل من الأجانب إذا كانوا محتاجين، وفيه أن القرابة يرعى [1] سورة آل عمران، الآية: 92. [2] بيرحاء: حائط يسمى بهذا الاسم، وليس اسم بئر، شرح النووي، 7/ 89. [3] بَخٍ: معناه تعظيم الأمر وتفخيمه، وهي كلمة تقال عند الإعجاب، [شرح النووي على صحيح مسلم، 7/ 90]. [4] مال رابح: ومعناه بهذا اللفظ ظاهر، وأما لفظ ((رايح)) في بعض الأوجه: فمعناه رايح عليك أجره ونفعه في الآخرة، [شرح النووي، 7/ 91]. [5] متفق عليه: البخاري، كتاب الزكاة، باب الزكاة على الأقارب، برقم 1461، ومسلم، كتاب الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين، برقم 998.