المطلب الثاني: حكم إيصاء الوصي وتوصية الموصى له والموصي، وفيه ثلاثة أفرع: الفرع الأول: إيصاء الوصي.
صورة المسألة: إذا أوصى إلى رجلٍ بتصرفٍ-مثل أن يبيع أرضه أو يقضي دينه أو يقوم بأمور عياله- فهل للوصي أن يوصي غيره؟
تحرير محل النزاع: إذا أذن له أن يوصي جاز عند جمهور العلماء خلافًا لقولٍ في مذهب الشافعية -وليس هو المذهب عندهم [2] -، وإذا أطلق ولم يأذن له ولا نهاه ففيه قولان:
القول الأول: جواز إيصاء الوصي، وهو مذهب الحنفية [3] والمالكية [4] ورواية عند الحنابلة [5].
القول الثاني: عدم جواز إيصاء الوصي، وهو مذهب الشافعية [6] والحنابلة [7].
القول الثالث: إذا غلب على الظن أن القاضي يسند إلى من ليس أهلًا أو كان ظالمًا يجب إيصاء الوصي، وهو قول الحارثي الحنبلي [8].
الأدلة:
دليل الجواز عند الإذن: أنه رضي باجتهاده واجتهاد من يختاره للتصرف، فجاز قياسًا على ما لو اختارهما، وأنه مأذون له في الإذن في التصرف، فجاز له أن يأذن لغيره كالوكيل إذا أُمر بالتوكيل أو أُذن له به.
ودليل المنع مع الإذن: بطلان إذنه بالموت.
المناقشة: أن الإيصاء يكون في الحياة وفي الموت-والأصل الثاني عند الإطلاق-، والحق [1] الهداية مع شروحها 8/ 419، التمهيد 19/ 10، الفواكه الدواني 2/ 206، تهذيب الأسماء واللغات ص 812، مغني المحتاج 3/ 52، المغني 8/ 390، شرح منتهى الإرادات 4/ 439، 520، ونُقل عن قومٍ وجوبها كما في بعض هذه المراجع، فيبقى الإجماع على المشروعية. [2] نهاية المحتاج 6/ 102، تكملة المجموع 17/ 595، الشرح الكبير 17/ 481، شرح منتهى الإرادات 4/ 522، أما الحنفية والمالكية فيرون الجواز مع الإطلاق -كما سيأتي- فمع الإذن أولى؛ لذا قال في المغني 8/ 558: (وهذا قول أكثر أهل العلم، وحكي عن الشافعي أنه قال في أحد القولين: ليس له أن يوصي). [3] الاختيار 5/ 68، حاشية ابن عابدين 10/ 447. [4] نص عليه مالك في "المدونة "7/ 25، الذخيرة 7/ 167، التاج والإكليل 8/ 566. [5] المغني 8/ 558، الإنصاف 17/ 483، وعزاه في "الأوسط" 8/ 179 للثوري. [6] المهذب 17/ 593، نهاية المطلب 11/ 363. [7] الإنصاف 17/ 483، كشاف القناع10/ 317، وعزاه في "الأوسط" 8/ 179 لإسحاق. [8] الإنصاف 17/ 482، وينظر مجموع الفتاوى 30/ 49.
نام کتاب : العقود المضافة إلى مثلها نویسنده : عبد الله بن طاهر جلد : 1 صفحه : 214