نام کتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 319
أَجْمَعَهُمَا، قَالَ عُمَرُ: فَقَاتَلْنَا مَعَهُ فَكَانَ رَشْدًا، فَلَمَّا ظَفِرَ بِمَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ، قَالَ: اخْتَارُوا مِنِّي خَصْلَتَيْنِ؛ إِمَّا حَرْبٌ مُجْلِيَةٌ، وَإِمَّا الْخِطَّةُ الْمُخْزِيَةُ. قَالُوا: هَذِهِ الْحَرْبُ الْمُجْلِيَةُ قَدْ عَرَفْنَاهَا، فَمَا الْخِطَّةُ الْمُخْزِيَةُ؟ قَالَ: تَشْهَدُونَ عَلَى قَتْلاَنَا أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلَى قَتْلاَكُمْ أَنَّهُمْ فِي النَّارِ، فَفَعَلُوا. (1)
لقد كان أبو بكر رجلا عقائديا إيمانيا لا يقبل أن يطرأ على دين الحق شك وريب، ولا أن يخالط الإيمان شبهة رأي، فأراد منهم قبل كل شيء، وقبل أن يعودوا إلى صفوف المؤمنين، أن يجددوا إيمانهم بالله ورسوله وبدينه، حتى لا تتكرر ردة باسم الإسلام، ولا يختلط الحق بالباطل، وحتى لا يزعم زاعم أنه قاتلهم اجتهاداً!
ثم كانت الحادثة الثالثة في الأيام الأولى من وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -،والتي واجهها أبو بكر بإيمان وطمأنينة، إنفاذ جيش أسامة بن زيد، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمر الجيش بالاستعداد للتوجه للشام، فتوفي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يخرج الجيش، فأشار بعض الصحابة على أبي بكر أن يؤجل خروج الجيش، حتى يحمي المدينة من أهل الردة الذين يحاصرونها، فما كان من الصديق إلا أن وقف الموقف الذي يقتضيه مقام الصديقية فَلَمّا بَلَغَ الْعَرَبَ وَفَاةُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَارْتَدّ مَنْ ارْتَدّ عَنْ الْإِسْلَامِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِأُسَامَةَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ: اُنْفُذْ فِي وَجْهِك الّذِي وَجّهَك فِيهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَأَخَذَ النّاسُ بِالْخُرُوجِ وَعَسْكَرُوا فِي مَوْضِعِهِمْ الْأَوّلِ، وَخَرَجَ بُرَيْدَةُ بِاللّوَاءِ حَتّى انْتَهَى إلَى مُعَسْكَرِهِمْ الْأَوّلِ، فَشَقّ عَلَى كِبَارِ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوّلِينَ، وَدَخَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقّاصٍ، وأبو عبيدة بن الجرّاح، وسعيد ابن زَيْدٍ، فَقَالُوا: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ، إنّ الْعَرَبَ قَدْ انْتَقَضَتْ عَلَيْك مِنْ كُلّ جَانِبٍ، وَإِنّك لَا تَصْنَعُ بِتَفْرِيقِ هَذَا الْجَيْشِ الْمُنْتَشِرِ شَيْئًا، اجْعَلْهُمْ عِدّةً لِأَهْلِ الرّدّةِ، تَرْمِي بِهِمْ فِي نُحُورِهِمْ! وَأُخْرَى، لَا نَأْمَنُ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْ يُغَارَ عَلَيْهَا وَفِيهَا الذّرَارِيّ وَالنّسَاءُ، فَلَوْ اسْتَأْنَيْت لِغَزْوِ الرّومِ حَتّى يَضْرِبَ الْإِسْلَامُ بِجِرَانِهِ، وَتَعُودَ الرّدّةُ إلَى مَا خَرَجُوا مِنْهُ أَوْ يُفْنِيَهُمْ السّيْفُ، ثُمّ تَبْعَثُ أُسَامَةَ حِينَئِذٍ فَنَحْنُ نَأْمَنُ الرّومَ أَنْ تَزْحَفَ إلَيْنَا! فَلَمّا اسْتَوْعَبَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنْهُمْ كَلَامَهُمْ قَالَ: هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ يُرِيدُ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا؟
(1) - مصنف ابن أبي شيبة -دار القبلة (14/ 584) (29548) صحيح مرسل
نام کتاب : الأحكام الشرعية للثورات العربية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 319