حتى دخل على عمر، فقام بحياله يبكي، فقال له عمر: علام تبكي؟ أعليَّ تبكي؟ قال: إي والله لعليك أبكي يا أمير المؤمنين، فقال: والله لقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من يُبكى عليه يُعذَّب)) وفي رواية لمسلم عن أنس أن عمر بن الخطاب لما طُعِنَ عَوَّلَتْ عليه حفصة فقال: يا حفصة أما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((المُعوَّلُ عليه يعذب)) وعَوَّل عليه صهيبٌ فقال عمر: يا صهيب أما علمت: ((أن المعوَّل عليه يعذب)) وفي لفظ للبخاري: أن عمر لما أصيب دخل صهيب يبكي يقول: واأخاه، واصاحباه، فقال - رضي الله عنه -: يا صهيب أتبكي عليَّ، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه))، وفي رواية للبخاري: ((إن الميت ليعذب ببكاء الحي)) [1].
واختلف العلماء رحمهم الله في المراد بهذا الحديث، ومن ذلك قول الجمهور: وهو أن الحديث محمول على من أوصى بالنوح عليه، أو لم يُوصِ بتركه مع علمه بأن الناس يفعلونه عادة. وقيل: معنى ((يُعذَّب)) أي يتألَّم بسماعه بكاء أهله ويرق لهم ويحزن، وذلك في البرزخ، ونصر ابن تيمية وابن القيم هذا القول [2].
وسمعت شيخنا ابن باز – رحمه الله – يقول: الميت يعذب ببكاء أهله، والله أعلم بالكيفية [3]. [1] متفق عليه: البخاري، كتاب الجنائز، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه إذا كان النوح من سنته))، برقم 1287، 1286، 1289، 3978، ومسلم، كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه، برقم 927 و928،وانظر: الأحاديث في مسلم، برقم 927 - 933. [2] أحكام الجنائز للألباني، ص41. [3] انظر: فتح الباري، لابن حجر، 7/ 301.