فاستغفر له الناس، ثم أخذ اللواء جعفر بن أبي طالب فشدَّ على القوم حتى قُتِلَ شهيداً أشهد له بالشهادة، فاستغفروا له، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة فأثبت قدميه حتى قتل شهيداً، فاستغفروا له، ثم أخذ اللواء خالد بن الوليد ... )) [1] الحديث [2].
وقال الإمام ابن الملقن – رحمه الله تعالى –:
((النعي على ضربين:
أحدهما: مجرد إعلام؛ لقصد ديني كطلب كثرة الجماعة تحصيلاً للدعاء للميت، وتتميماً للعدد الذي وُعِدَ بقبول شفاعتهم له: كالأربعين، والمائة مثلاً، أو لتشييعه وقضاء حقه في ذلك، وقد ثبت في معنى ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: ((هلا آذنتموني به)) [3]، ونعيه عليه الصلاة والسلام أهل مؤتة: جعفراً، وزيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة [4].
الثاني: فيه أمر محرم مثل: نعي الجاهلية المشتمل على ذكر مفاخر الميت، ومآثره، وإظهار التفجع عليه، وإعظام حال موته، فالأول مستحب، والثاني محرم، وعليه يُحمل نهيه عليه الصلاة والسلام عن النعي كما أخرجه الترمذي وصححه [5]، وهذا التفصيل هو الذي تقتضيه الأحاديث الصحيحة [6]. [1] أحمد، 5/ 299، 300، 301، وحسنه الألباني في أحكام الجنائز، ص47. [2] وانظر: مجموع فتاوى ابن باز، 13/ 408، 410. [3] متفق عليه: البخاري، برقم 458، 460، 1437، ومسلم، برقم 956، وتقدم تخريجه. [4] متفق عليه، البخاري، برقم 1299، 1305، 4263، ومسلم، برقم 935، وتقدم تخريجه. [5] الترمذي، كتاب الجنائز، باب ما جاء في كراهية النعي، برقم 986، ولفظه عن حذيفة: ((سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن النعي)). [6] الإعلام بفوائد عمدة الأحكام، 4/ 387 - 388.