الله [1]؟ فقال: ((يا ابن عوف إنها رحمة)) ثم أتبعها بأخرى [2]، فقال: ((إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يَرْضَى ربُّنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون)) [3].قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((ووقع في حديث عبد الرحمن بن عوف نفسه: ((فقلت: يا رسول الله تبكي أو لم تنه عن البكاء؟ وزاد فيه: ((إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة لهوٍ ولعبٍ ومزامير الشيطان، وصوت عند مصيبة: خمش وجوه، وشق جيوب، ورنة شيطان)). قال: ((إنما هذه رحمة، ومن لا يَرحم لا يُرحم)) [4].
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((هذا الحديث يفسِّر البكاء المباح، والحزن الجائز، وهو ما كان بدمع العين، ورقة القلب من غير سخط لأمر الله، وهو أبين شيء وقع في هذا المعنى، وفيه مشروعية تقبيل الولد وشمه، ومشروعية الرضاع، وعيادة الصغير، والحضور عند المحتضر، ورحمة العيال، وجواز الإخبار عن الحزن وإن كان الكتمان أولى، وفيه وقوع الخطاب للغير وإرادة غيره بذلك، وكل منهما مأخوذ من مخاطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولده مع أنه في تلك الحالة لم يكن ممن يفهم الخطاب لوجهين: [1] وأنت يا رسول الله: أي الناس لا يصبرون على المصيبة وأنت تفعل كفعلهم، كأنه تعجب لذلك منه مع عهده منه أنه يحثه على الصبر وينهى عن الجزع، فأجابه بقوله: ((إنها رحمة: أي الحالة التي شاهدتها مني هي رقة القلب على الولد لا ما توهمت من الجزع)) فتح الباري لابن حجر، 3/ 174. [2] ثم أتبعها بأخرى: قيل: أتبع الدمعة بدمعة أخرى، وقيل: أتبع الكلمة الأولى المجملة وهي قوله: ((إنها رحمة)) بكلمة أخرى مفصلة وهي قوله: ((إن العين تدمع)) فتح الباري لابن حجر، 3/ 174. [3] متفق عليه: البخاري، كتاب الجنائز، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إنا بك لمحزونون))، برقم 1303، ومسلم، كتاب الفضائل، باب رحمته - صلى الله عليه وسلم - بالصبيان والعيال وتواضعه وفضل ذلك، برقم 2315. [4] فتح الباري لابن حجر، 3/ 174.