وريحان وربٍّ غير غضبان، فتخرج كأطيب ريح المسك، حتى إنه ليتناوله بعضهم بعضاً، حتى يأتون به السماء، فيقولون: ما أطيب هذه الريح التي جاءتكم من الأرض! فيأتون به أرواح المؤمنين، فَلَهُمْ أشد فرحاً به من أحدكم بغائبه يقدم عليه، فيسألونه: ما فعل فلان؟ ماذا فعل فلان؟ فيقولون: دَعُوه؛ فإنه كان في غمِّ الدنيا، فإذا قال: أما أتاكم؟ قالوا: ذُهِبَ به إلى أمِّهِ الهاوية، وإن الكافر إذا حُضِر أتته ملائكة العذاب بمسْحٍ، فيقولون: اخرجي ساخطة مسخوطاً عليك إلى عذاب الله - عز وجل -، فتخرج كأنتن ريح جيفة، حتى يأتون به باب الأرض، فيقولون: ما أنتن هذه الريح! حتى يأتون به أرواح الكفار)) [1].
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - يرفعه: ((إذا خرجت روح المؤمن تلقَّاها ملكان يصعدانها، فذكر من طيب ريحها وذكر المسك، ويقول أهل السماء: روح طيبة جاءت من قبل الأرض، صلى الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه، فينطلق به إلى ربه - عز وجل -، ثم يقول: انطلقوا به إلى آخر الأجل، وإن الكافر إذا خرجت روحه وذكر من نتنها، وذكر لعناًً، ويقول أهل السماء: روح خبيثة جاءت من قبل الأرض، فيقال: انطلقوا به إلى آخر الأجل)) [2].
قال الله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي} [3]،قال الإمام ابن كثير – [1] النسائي، كتاب الجنائز، باب ما يلقى به المؤمن من الكرامة عند خروج نفسه، برقم 1834، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي، 2/ 9، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 1309. [2] مسلم، كتاب الجنة ونعيمها، باب عرض مقعد الميت من الجنة والنار عليه وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه، برقم 2872. [3] سورة الفجر، الآيات: 27 - 30.