ولا شك أن كل عمل صالح يُبتغى به وجه الله فهو عبادة.
وعن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من كانت الدنيا همه فرّق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له، ومن كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة)) [1].
وقد ذم الله الدنيا إذا لم تُستخدم في طاعة الله - عز وجل - فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ألا إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله، وما والاه، وعالمٌ، أو متعلم)) [2].
وهذا يؤكد أن الدنيا مذمومة مبغوضة من الله وما فيها، مبعدة من رحمة الله إلا ما كان طاعة لله - عز وجل - [3]؛ ولهوانها على على الله - عز وجل - لم يُبلِّغ [1] ابن ماجه، كتاب الزهد، باب الهم بالدنيا، 4/ 1375، برقم 4105، وصحح الألباني إسناده في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 950، وصحيح الجامع، 5/ 351. [2] الترمذي بلفظه، كتاب الزهد، باب: حدثنا محمد بن حاتم، 4/ 561، برقم 2322، وحسنه، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب مثل الدنيا، 2/ 1377، برقم 4112، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 34، برقم 71، و1/ 6، برقم 7. [3] قوله: ((وما والاه)) أي ما يحبه الله من أعمال البر وأفعال القرب، وهذا يحتوي على جميع الخيرات، والفاضلات ومستحسنات الشرع. وقوله: ((وعالم أو متعلم)) والرفع فيها على التأويل: كأنه قيل: الدنيا مذمومة لا يُحمدُ مما فيها ((إلا ذكر الله، وما والاه، وعالمٌ أو متعلم)) والعالم والمتعلم: العلماء بالله الجامعون بين العلم والعمل، فيخرج منه الجهلاء، والعالم الذي لم يعمل بعلمه، ومن يعلم علم الفضول وما لا يتعلق بالدين، انظر: شرح الطيبي على مشكاة المصابيح، 10/ 3284 - 3285، ومرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، للملا علي القاري، 9/ 31، وتحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي، 6/ 613.