ماهرًا في العلم فيما يظهر، فتكتفي التجربة، وإن لم يكن كذلك لم يصح العقد، ويضمن ... " [1] اهـ.
فقوله: "إن لم يكن كذلك": أي لم يكن معروفًا بمهارته لا بالعلم، أو بالتجربة، وذلك هو الجاهل، ثم نص على حكمه بأنه لا يصح التعاقد معه، وألزمه الضمان وذلك إذا نتج عن فعله الضرر.
وقال الإمام أبو محمد عبد الله بن قدامة المقدسي الحنبلي -رحمه الله-: " ... أن يكونوا ذوي خبرة في صناعتهم، ولهم بصارة ومعرفة، لأنه إذا لم يكن كذلك لم يحل له مباشرة القطع، وإذا أقدم مع هذا كان فعلاً محرمًا فيضمن سرايته كالقطع ابتداء ... " [2] اهـ.
فبين -رحمه الله- أن الطبيب إذا كان جاهلاً وأقدم على فعل الجراحة كان ضامنًا لكل ما ينشأ عن فعله من ضرر.
وبهذه العبارات يتأكد ما تقدم من حكاية ابن رشد الحفيد الإجماع على إيجاب الضمان على الطبيب الجاهل.
وكما دل دليل النقل على إيجاب الضمان على هذا الصنف من الأطباء، كذلك دل دليل العقلى على إيجابه، وقد أشار الإمام ابن قدامة المقدسي -رحمه الله- في عبارته المتقدمة إلى ذلك الدليل، وهو أن الطبيب الجاهل يجب الضمان عليه إذا باشر القطع كالجاني بجامع كون كل من الفعلين محرمًا شرعًا.
وبهذا كله تجتمع دلالة النقل والعقل على إيجاب الضمان على [1] حاشية قليوبي وعميرة 3/ 78، ومثله في حاشية الرملي على شرح التجريد 2/ 427، بهامش أسنى المطالب. [2] المغني والشرح الكبير لابن قدامة 6/ 120، ومثله في شرح منتهى الإرادات، للبهوتي 2/ 377.