نام کتاب : شرح المفصل نویسنده : ابن يعيش جلد : 1 صفحه : 235
قال الشارح: يجوز تقديمُ خبرِ المبتدأ مفردًا كان أو جملةً، فمثالُ المفرد قولك: "قائمٌ زيدٌ"، و"ذاهبٌ عمرٌ". و"قائمٌ" خبرٌ عن "زيد" وقد تقدّم عليه، وكذلك "ذاهبٌ" خبرٌ عن "عمرو". ومثالُ الجملة: "أبوه قائمٌ زيدٌ"، و"أخوه ذاهبٌ عمرٌو"، فـ "أبوه" مبتدأٌ و"قائمٌ" خبرُه، والجملةُ في موضع الخبر عن "زيد"، وقد تقدّم عليه. وكذلك "أخوه ذاهبٌ" مبتدأٌ وخبرٌ في موضع الخبر عن "عمرو"، وذهب الكوفيون [1] إلى منع جواز ذلك، واحتجّوا بأن قالوا: إنّما قلنا ذلك, لأنه يؤدي إلى تقديم ضمير الاسم على ظاهره، ألا ترى إنّك إذا قلت: "قائمٌ زيدٌ"، كان في "قائمٌ" ضمير"زيد" بدليلِ أنَّه يظهر في التثنية والجمع، فتقول: "قائمان الزيدان"، و"قائمون الزيدون"، ولو كان خاليًا عن الضمير لكان مُوَحَّدًا في الأحوال كلها. وكذلك إذا قلت: "أبوه قائمٌ زيدٌ"، كانت "الهاءُ" في "أبوه " ضميرَ "زيد"، فقد تقدّم ضمير الاسم على ظاهره، ولا خلافَ أنّ رُتْبَةَ ضمير الاسم أن يكون بعد ظاهره. والمذهب الأوّل لكثرةِ استعماله في كلام العرب قالوا: "مَشْنُوءٌ من يَشْنَؤُكَ"، و"تميميٌّ أنا"، فـ "من يشنؤك" مبتدأ، وقوله: "مشنوءٌ" الخبرُ. وهو مقدَّمٌ. وكذلك "تميميٌّ أنا": "أَنَا" مبتدأ و"تميميٌّ" خبرٌ مقدَّمٌ. ألا ترى أنّ الفائدة المحكوم بها إنّما هي كونُه تميميًّا لا "أَنَا" المتكلَّمُ؛ وأمّا قولهم: إِنه يؤدّي إلى تقديم المضمر على الظاهر، فنقول: إِن تقديم المضمر على الظاهر إنّما يمتنع إذا تقدّم لفظًا ومعنًى، نحو: "ضَرَبَ غلامُه زيدًا" وأمّا إذا تقدّم لفظًا والنيّةُ به التأخيرُ، فلا بَأْسَ به، نحو: "ضرب غلامَه زيدٌ" ألا ترى أن الغلام هاهنا مفعولٌ، ومَرْتَبَةُ المفعول أن يكون بعد الفاعل، فهو، وإن تقدّم لفظًا، فهو مؤخَّرٌ تقديرًا وحُكْمًا. ومنه قوله تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} [2]. "الهاء" في "نفسه" عائدةٌ إلى "موسى" وإن كان الظاهر متأخّرًا، لأنّه في حكم المقدَّم من حيث كان فاعلًا، ومثله قولهم في المَثَل: "في أَكْفانه لُفَّ الميّتُ" [3]، وقالوا: "في بَيْته يُؤْتَى الحَكَمُ" [4]. فقد تقدّم المضمر على الظاهر فيهما لفظًا, لأنّ النيّة بهما التأخير، والتقديرُ: لُفَّ الميتُ في أكفانه، ويُؤْتَى الحكمُ في بيته، وإذا ثبت ما ذكرناه، جاز تقديم خبر المبتدأ عليه، وإن كان فيه ضمير, لأن النية فيه التأخير، من قبل أن مرتبة المبتدأ قبل الخبر فاعرفه. [1] انظر: الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين. ص 65 - 70. [2] طه: 67. [3] لم أقع على هذا المثل فيما عدت إليه من مصادر. [4] ورد المثل في جمهرة الأمثال 1/ 368، 2/ 110؛ والدرة الفاخرة 2/ 456؛ والفاخر ص 76؛ وكتاب الأمثال ص 54؛ واللسان 11/ 152 (حسل)، 12/ 142 (حكم)؛ والمستقصى2/ 183؛ ومجمع الأمثال 2/ 72؛ والوسيط في الأمثال ص 132.
نام کتاب : شرح المفصل نویسنده : ابن يعيش جلد : 1 صفحه : 235