بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس التاسع
(القوادح في العلة)
النقض
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومَن والاه؛ أما بعد:
القوادح على وزن فواعل، فهو صيغة من صيغ منتهى الجموع -أي: الجمع الأقصى- ومما يطرد فيه هذا الجمع من المفردات ما كان صفة لمذكر غير عاقل كصاهل وصواهل، فهو جمع قادح والقادح اسم فاعل من القدح، وهو العيب في العِرض، وأُكال يقع في الشجر والأسنان والعفن، والصدع في العود، والسواد الذي يظهر في الأسنان. يقول جميل بثينة:
رمى الله في عيني بثينة بالقذى ... وفي الغر من أنيابها بالقوادح
فالقوادح -إذن- هي العيوب التي تُصيب العلةَ النحويةَ، ويعترض بسببها على الاستدلال بالقياس، والتعبير عنها بالجمع الأقصى إشارة إلى كثرة هذه العيوب. ومن هنا افتتح السيوطي مبحثها بقوله: "منها"، وهذا تعبير يدل على عدم استيفائه إياها، واكتفائه بإيراد بعضها في ضوء ما أتى به ابن جني في (الخصائص) وأبو البركات الأنباري في (الإغراب في جدل الإعراب) و (لمع الأدلة). والقادح الأول كما رتبه السيوطي النقض: بالنون والقاف والضاد المعجمة، ومعناه في اللغة: الكسر والإبطاء، والمراد به هنا كما قال الأنباري في (الإغراب في جدل الإعراب) وجود العلة ولا حكم على مذهب مَن لا يرى تخصيص العلة، أي: على مذهب من لا يرى تخصيص العلة ببعض الأفراد لوجود اطرادها، فإذا وُجدت العلة وجد الحكم، فتخلفه عنها مع وجودها نقض لها.
قال الأنباري في (لمع الأدلة): "الأكثرون على أن الطرد شرط في العلة، أي: وإلا لم تكن علة؛ لفقد المشروط عند فقد شرطه، وذلك -أي: الطرد- المعتبر لتحقق العلة أن يوجد الحكم عند وجودها في كل موضع. يعني: أن يوجد الحكم