بمعنى في اللفظ، مثل أن يقول: إنما ارتفع يكتب في نحو: مررت برجل يكتب؛ لقيامه مقامَ الاسم وهو كاتب، فيقول المعترض على المعلل: هذا ينتقض بقولك: مررت برجل كتب، فإنه -أي: كتب- فعل قد قام مقام الاسم وهو كاتب، وليس بمرفوع، فانتقضت العلة.
فتقول في الجواب: قيام الفعل مقام الاسم إنما يكون موجبًا للرفع إذا كان الفعل معربًا، وهو الفعل المضارع نحو: يكتب، وكتب فعل ماض، والفعل الماضي لا يستحق شيئًا من الإعراب أي: لا رفعًا ولا غيره، فلما لم يستحق شيئًا من جنس الإعراب، أي: لعدم وجود ما يقتضي الإعراب فيه وهو تعاور المعاني المختلفة على التركيب، مُنِعَ هذا الفعل الرفع الذي هو نوع منه -أي: من الإعراب- فكأنا قلنا: هذا النوع من الأفعال الذي هو المضارع المستحق للإعراب، قام مقام الاسم فوجب له الرفع، أي: وقوله: هذا النوع المستحق للإعراب لم يذكر في لفظ العلة، لكنه معنى موجود فيها، فلا يرد النقض بالفعل الماضي الذي لا يستحق شيئًا من الإعراب، فدفع النقض هنا كان بمعنى في اللفظ، أما على مذهب من يرى تخصيص العلة فإن النقض غير مقبول، أي: لأن العلة عنده مخصوصة بغير ما نقضت به.
تخلف العكس
ذكر السيوطي أن القادح الثاني من القوادح في العلة تخلف العكس، فقال: "ومنها -أي: من القوادح- تخلف العكس، بناء على أن العكس شرط في العلة، وهو رأي الأكثرين"، وهو -أي: العكس- كما قال الأنباري في (لمع الأدلة): "أن يعدم الحكم عند عدم العلة"، فمعنى تخلفه انتفاؤه، أي: كون العلة غير منعكسة مع أن العكس شرط فيها عند الأكثرين. ومن أمثلة العكس التي أوردها