لا يكون ما فيه احتراز حشوًا، أي: لما علمت أن الاحتراز من مطالب العلة كالتأثير". قال الأنباري معقبًا على ما قالوا: "وهذا ليس بصحيح؛ لأن ما له تأثير فيه تأثير واحتراز، فلوجود الشرطين جعل علةً، وما ذكر للاحتراز فقط فَقَدْ فُقِدَ فيه أحدُ الشرطين فلا يعتد به".
قال السيوطي: "وقال ابن جني في (الخصائص): قد يزاد في العلة صفة لضرب من الاحتياط، أي: لا للتأثير ولا للاحتراز. ولكن لضرب من الاحتياط، بحيث لو أُسقطت لم يقدح إسقاطها فيها، أي: لم يؤثر إسقاط الصفة في العلة. كقولهم في همز أوائل وهو جمع أول، وأصله: أوأل، من وأل أي: نجا؛ لأن النجاة في السبق، وقيل: أصله أأول، بفتح فسكون، من آل بمعنى: رجَعَ؛ لأن كل شيء يرجع إلى أوله، فهو أفعل بمعنى مفعول كأشهر وأحمد، فأبدلت الهمزة في الوجهين المذكورين واوا إبدالا شاذا، وقال الكوفيون: هو فَوْعل من وَوَل، فأبدلت الأولى همزةً، قال الرضي في (شرح الكافية): وتصريفه كتصريف أفعل التفضيل، واستعماله بـ"مِن" مبطلان لكونه فوعلًا"، انتهى.
قالوا في همز أوائل: أصله -أي: أصل أوائل-: أواول، أي: بواوين كما كانتا في المفرد، فلما اكتنفا أي: أحاط الألف واوان، وقربت الثانية منهما من الطرف، ولم يؤثر إخراج ذلك على الأصل تنبيهًا على غيره من المغيرات في معناه، أي: لم يعهد إبقاء ذلك على أصله من غير تغيير دلالةً على ما غير من غيره -كما سيأتي- وليس هناك ياء قبل الطرف، يعني: أنه جاء على مثال مفاعل وليس على مثال مفاعيل بياء قبل آخره، إذ لو وجدت هذه الياء لفظًا أو تقديرًا لمنعت من الإبدال كما ستعرف، وكانت الكلمة جمعًا، ثقل ذلك، فأبدلت الواو همزةً، فصار أوائل، أي: لأنه من مواضع إبدال كل من الواو