للزومها المحل، يعني: أن التعجب إنما يكون من حدوث أمر وعروضه، وهذه الألوان أشياء مستقرة في الشخص لا تكاد تزول عنه، فجرت مجرى أعضائه. وهذا المعنى في الأصل أبلغ منه في الفرع، أي: أن هذا المعنى وهو لزوم هذه الأشياء واستقرارها في الأصل، أبلغ؛ لقوته وشدته بالأصالة، فإذا لم يجز مما كان فرعًا لملازمته المحل فلأن لا يجوز مما كان أصلًا، وهو ملازم للمحل أولى، أي: أحق بالمنع لأبلغيته فيه. والجواب: أن يبين عدم الضدية، أي: يبين له ألا تضاد بين العلة والحكم الذي تقتضيه، أو يسلم له، أي: للمعترض ذلك، أي: الضدية بين العلة والحكم، ويبين أنه -أي: كونه أصلها- يقتضي ما ذكره هو أيضًا من وجه آخر، أي: غير الوجه المدخول فيه.
المنع للعلة
المراد بهذا القادح الاعتراض على الاستدلال بالقياس لعدم التسليم بالعلة، أي: لرفض العلة وعدم قبولها، وقد ذكر السيوطي نقلًا عن الأنباري في (جدل الإعراب) أن هذا المنع قد يكون في الأصل وقد يكون في الفرع، أي: في علة الأصل المقيس عليه أو في علة الفرع المقيس. قال: "فالأول -أي: المنع في الأصل- كأن يقول البصري: إنما ارتفع المضارع لقيامه مقام الاسم، أي: فهو يقع بجملته خبرًا وصفة وحالًا، والأصل في هذه المواقع الاسم، وهو -أي: قيامه مقام الاسم- عامل معنوي فأشبه -أي: هذا العامل- الابتداء في الاسم المبتدأ والابتداء يوجب الرفع، فكذلك ما أشبهه، أي: وهو القيام مقام الاسم في الفعل المضارع. فيقول له الكوفي: لا نسلم -