لأن معنى سلامك كمعنى أبرئك، ومعنى تغنثك تعلق بك، والأصل تتغنثك؛ فحذفت إحدى التاءين والذموم جمع الذم.
ثانيًا: من تعليلات شيخ سيبويه عيسى بن عمر الثقفي المتوفى سنة تسع وأربعين ومائة من الهجرة، قال سيبويه في (الكتاب) في باب ما ينتصب فيه الصفة لأنه حال وقع فيه الألف واللام: "وكان عيسى يقول: ادخلوا الأولُ فالأول، لأن معناه ليدخل، فحمله على المعنى، وليس بأبعد من: لِيُبك يزيد ضارع لخصومة" انتهى.
وتفصيل هذا الأمر أن الأصل في الحال أن تكون نكرة لا معرفة، وذلك على سبيل اللزوم؛ لأن الغالب أن تكون مشتقة، وأن يكون صاحبها معرفة، فالتزم تنكيرها؛ لئلا يتوهم كونها نعتًا إذا كان صاحبها منصوبًا، وحمل غيره عليه، فإن وردت بلفظ المعرفة أُوِّلت بنكرة؛ محافظة على ما استقر لها من لزوم التنكير، ومما سمع من ذلك قول العرب: ادخلوا الأول فالأول. فاللفظ الأول الواقع بعد واو الجماعة منصوب على الحالية من الواو، والثاني معطوف عليه بالفاء، وهما بلفظ المعرف بأل، فيؤولان بنكرة أي: مرتبين واحدًا فواحدًا.
بيد أن سيبويه حكى أن عيسى بن عمر كان يقول: "ادخلوا الأول فالأول"، معللًا ذلك بقوله: "لأن معناه ليدخل"، أي: بإضمار فعل بالحمل على المعنى أي: بقرينة المعنى. وبيان ذلك أن فعل الأمر لا يسند إلى الاسم الظاهر، وعيسى بن عمر ليس ممن يغتفرون في التابع ما لا يُغتفر في المتبوع، فلا يصح عنده أن يكون الرفع على البدلية من واو الجماعة؛ لأن البدل على نية إحلاله محل المبدل منه، ولا يصح هنا هذا الإحلال؛ إذ لا يقال: ادخل الأول فالأول بالرفع على الفاعلية بخلاف نحو: دخلوا الأول فالأول، فإن رفع ما بعد واو الجماعة على