أحدهما: أنه يعتبر في المقيس أن يكون على وزن المقيس عليه، وهنا ليس كذلك؛ لأن الألف الثانية في المقيس عليه -يعني: {لَكِنَّا} في آية الكهف- مذكورة، وفي المقيس -يعني: أقائلن- محذوفة. والثاني: أن هذا الاحتمال إنما يتمشى حيث كان المعنى: أقائل أنا على التكلم، أما إذا كان المعنى على الخطاب كما تعطيه السوابق واللواحق فلا.
والمثال الثاني: قلبهم الواو ياء من غير استيفاء شروط هذا القلب، قال ابن جني: "ومن الاستحسان قولهم: صِبية وقِنية وعِذي وبِلْي سفر، وناقة عِليان، ودَبَّة مِهيار، فهذا كله استحسان لا عن استحكام علة". يريد ابن جني أن يقول: إن العرب قد أعلوا الواوَ بقلبها ياءً في الكلمات السابقة ونحوها من غير استيفاء شرط هذا الإعلال، فقد شرط الصرفيون لقلب الواو ياءً هنا أن تكون الواو متطرفة حقيقة أو حكمًا إثر كسرة، سواء أكانت في اسم كالداعي والغازي اسمي فاعل من الدعوة والغزوة، أم في فعل مبني للفاعل كرضي من الرضوان، وقوي من القوة، أو مبني للمفعول كدُعِي وعفي من الدعوة والعفو، وسواء أكان التطرف حقيقيًّا -كما تقدم- أم حكميًّا كما في نحو شَجْيَة، وهي صفة مشبهة لمؤنث من الشجو، وهو الحزن، وأكسية في جمع كساء من الكسوة، وغازية اسم فاعلة من الغزو، فإن التاء سواء أكانت للتأنيث أم بُنيت الكلمة عليها تعد في تقدير الانفصال. وقد شذ من ذلك نوعان:
أحدهما: نوع صحح ولم تعل فيه الواو بقلبها ياء مع استيفاء شرطي الإعلال، كقولهم في جمع كلمة سواء -بفتح السين المهملة والمد بمعنى مستو: سَواسِوَة، يقال: الناس سواسوة في هذا الأمر، أي: مستوون فيه، وقالوا أيضًا: سواسية على الأصل والقياس، وكقولهم: مَقاتِوَة -بقاف وتاء مثناة فوق- بمعنى خُدام