ومن واوي اللام أيضًا عِلية من نحو قولهم: فلان من عِلية القوم، أي: عالي القدر، رفيع المنزلة، ومن ذلك قولهم: ناقة عليان، أي: ضخمة طويلة جسيمة، وأصله: علوان؛ لأنه أيضًا من: علوت، ومنه أيضًا: عِذي، من قولهم: أرضون عَذَوات، وهي الأرض الطيبة التربة، الكريمة المنبت، وبلي من قولهم: ناقة بلي، أي: أبلاها وأتعبها وأضناها السفر، وذكر ابن جني أنه يقال في معناها كذلك: بلو، أي: من غير قلب الواو ياء مع الكسرة، ومن ذلك البلوى، إلا أن البلوى يحتمل أن تكون الواو فيها بدلًا من الياء كالفتوى والتقوى، وأن يكون أصلها البَلْي، فأبدلت الياء واوًا من باب ترك الأخف إلى الأثقل من غير ضرورة كما قيل في الفتوى والتقوى ونحوهما، وأن تكون واوية اللام، وهو الاحتمال الأقوى؛ لاطراد الواو في هذا الأصل، وعليه قول زُهير:
جزى الله بالإحسان ما فعلَا بكم ... وأبلاهما خيرَ البلاء الذي يبلو
أي: صنع الله بهما خير الصنيع الذي يبلو به عباده، والشاهد في قوله: "يبلو" فهو مضارع بلا، من قولهم: بلوت الرجلَ، وأبلاه الله بلاءً حسنًا، من الإبلاء، وهو الإنعام والإحسان، والبلاء الاسم، ممدود، ومن هنا فليس في لفظ البلوى دليل قاطع على أنه واوي اللام. فإذا انتقلنا من ابن جني وذهبنا إلى الزمخشري، وجدناه في كتابه (المفصل) يذكر أن إبدال الواو ياء في نحو صبية وعليان، غير مطرد.
ويقول شارحه ابن يعيش في شرحه عليه: "وقد أبدلوا الياء من الواو إذا وقعت الكسرة قبل الواو وإن تراخت عنها بحرف ساكن؛ لأن الساكن لضعفه ليس