وحجة البصريين أن إنَّ قد نصبت المبتدأ وجعلته اسمًا لها، ولو جاز أن يكون الخبر مرفوعًا على ما كان مرفوعًا به قبل دخول إنَّ لكان المبتدأ أحق بذلك، فلما نُصِبَ المبتدأ بـ: إن وجب أن يكون رفع الخبر أيضًا بها إذ ليس في كلام العرب شيء يعمل النصب في الأسماء، ولا يعمل الرفع، ومن المحال ترك القياس ومخالفة الأصول بغير فائدة. ومعنى ما سبق: أن الكوفيين قد استدلوا على صحة مذهبهم بالقياس، وهو أن إنَّ فرع عن الفعل في العمل، والفروع تنحط أبدًا عن درجات الأصول، كما استدل البصريون على صحة مذهبهم بالقياس أيضًا، وهو أن إنَّ وأخواتها قد أشبهت الفعل لفظًا ومعنًى، فلما قوي شبهها بالفعل -والفعل يرفع وينصب- وجب أن تكون مثله وقد تعارض القياسان، ورجح الأنباري مذهب البصريين بالقياس؛ لأنه ليس في كلام العرب عامل يعمل في الأسماء النصب إلا وهو يعمل الرفع.
وبهذا نكون قد وصلنا إلى ختام هذا الدرس فإلى لقاء يتجدد إن شاء الله تعالى مع الدرس السادس عشر هذا وبالله التوفيق.