الجملة الأولى"، انتهى. وبيان ذلك: أن المبتدأ في القول المذكور هو اسم الفاعل قائم، وقد رفع فاعلًا مستغنيًا به عن الخبر وهو أخواك، وأَمْ حرف عطف، وقاعدان معطوف على الوصف المستغني بمرفوعه عن الخبر، وفاعله ضمير مستتر فيه تقديره هما، والضمير المستتر بمنزلة الضمير المتصل، وقد ذَكر كثير من النحويين منهم أبو الحسن الأشموني: أن مرفوع الوصف المستغني بمرفوعه عن الخبر إما أن يكون اسمًا ظاهرًا كالمثال المذكور، وإما أن يكون ضميرًا منفصلًا، كقوله تعالى: {قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ} (مريم: 46).
وبذلك يكون ما بعد العاطف في المثال المذكور قد خالف القياس؛ لأن الوصف المعطوف رفع ضميرًا متصلًا، والقياس يوجب أن يكون ضميرًا منفصلًا. ومن هنا رأى أبو عثمان المازني: أن القياس يوجب أن يقال: أم قاعد هما؟ ليحصل التعادل بين الجملتين، فيعطف قاعد على قائم ويكون مرفوع الوصف الأول اسمًا ظاهرًا، ومرفوع الوصف الواقع بعد العاطف ضميرًا منفصلًا. وقال ابن هشام: "قاعدان مبتدأ؛ لأنه عطف بـ"أم" المتصلة على المبتدأ، وليس له خبر ولا فاعل منفصل، وإنما جاز؛ لأنهم يتوسعون في الثواني"، انتهى. فأشار ابن هشام إلى فاعلية الضمير المستتر وإغنائه عن الخبر على خلاف القياس؛ لأنه يغتفر في الثواني ما لا يغتفر في الأوائل، أي: يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، وجوز غيره كون الوصف الثاني خبر مبتدأ محذوف، أي: أم هما قاعدان؟ فتكون أم منقطعة.
ولا يقف احترام المسموع عن العرب عند حد تقديمه على القياس عند تعارضهما عند هذا الحد، بل إن ابن جني ينقل لنا وصيةً عن أبي الحسن الأخفش،
قال ابن جني: "واعلم، أنك إذا أداك القياس إلى شيء ما، ثم سمعت العرب قد نطقت