مِزمار. والبيت من شواهد سيبويه في (الكتاب) في باب: ما يحتمل الشعر، وقد أورده سيبويه شاهدًا على ضرورة شعرية، وهي حذف الواو الواقعة صلةً للضمير الغائب وهو الهاء في "كأنه"؛ إجراءً للوصل مجرى الوقف، وتبع كثير من النحاة سيبويه في اعتبار هذا الحذف ضرورة، ومنهم المبرد وابن عصفور، والإتيان بحركة هاء الغائب كاملة من غير صلة -أي: من غير إشباع- يسمى اختلاسًا. وقد حكم ابن جني على هذه الضرورة بالضعف استعمالًا وقياسًا، فقال: "ومما ضعف في القياس والاستعمال جميعًا بيت (الكتاب):
له زجل كأنه صوت حاد ... ... ..... .... ...... ...... ..
فقوله: "كأنه" بحذف الواو وتبقية الضمة ضعيف في القياس قليل في الاستعمال". وذكر محقق (المقتضب) شيخنا المرحوم محمد عبد الخالق عضيمة -رحمه الله رحمةً واسعةً- أن اختلاس حركة هاء الغائب الذي جعله سيبويه والمبرد من الضرورة الشعرية، جاء في آيات كثيرة في القراءات السبعية المتواترة، منها قوله تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} (الأنعام: 90) وقوله -عز وجل: {فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ} (النمل: 28) وقوله -عز من قائل: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} (الزمر: 7).
والحق أن هناك فرقًا بين اختلاس حركة هاء الغائب في الضرورة التي أشار إليها سيبويه في (الكتاب) وما ورد في القراءات السبعية المتواترة التي أشار إليها شيخنا عضيمة -طيب الله ثراه- وذلك أن الهاء في الآيات الكريمة المذكورة ونحوها كانت مسبوقةً بحرف علة ساكن، وهاء الضمير إن سُبقت بحرف علة ساكن -واو أو ياء أو ألف- فالمختار حذف الياء والواو بعدها، قال سيبويه في باب: ثبات الياء والواو في الهاء التي هي علامة الإضمار وحذفهما،: "فإذا كان قبل الهاء حرف لين، فإنَّ حَذْفَ الياء والواو في الوصل أحسنُ؛ لأن الهاء من مخرج