سيبويه في (الكتاب): "هذا باب فُعَل، اعلم أن كل فعل كان اسمًا معروفًا في الكلام أو صفة فهو مصروف، فالأسماء نحو: سرد، وجعل، وثقب، وحفر إذا أردت جماع -أي: جمع- الحفرة والثقبة، وأما الصفات فنحو: هذا رجل حطم" انتهى. والمذهب الثاني: مذهب غير سيبويه وهو المنع من الصرف لأنه الأكثر والغالب في كلامهم، والصحيح ما ذهب إليه سيبويه؛ لأن الأصل في الأسماء أن تكون مصروفة لا ممنوعة من الصرف، فلما لم يقم دليل على منع بعضها؛ كان الرجوع إلى الأصل أولى. ومما تعارض فيه الأصل والغالب أيضًا ما ذكره أبو حيان في (شرح التسهيل) من اختلافهم في رحمان ولحيان بفتح اللام، وهو عظيم اللحية على قولين؛ أحدهما: الصرف لأنه الأصل أي: ولأنه لا يُمنع من الصرف إلا بشرط ألا يكون مؤنثه بالتاء بأن يكون مؤنثه على وزن فَعْلى، ورحمان ولحيان لا مؤنث لهما. والآخر: المنع لأن الغالب هو أن يكون وزن فعلان ممنوعًا من الصرف، فتعارض الأصل والغالب.
وقال السيوطي -رحمه الله- نقلًا عن أبي حيان: "والصحيح صرفه -أي: صرف رحمان ولحيان- لأنا قد جهلنا النقل فيه عن العرب، والأصل في الأسماء الصرف، فوجب العمل به، ووجه مقابله أن ما يوجد من فعلان الصفة غير مصروف في الغالب، والمصروف منه قليل؛ فكان الحمل على الغالب أولى" انتهى ما قال أبو حيان. وعقب السيوطي على عبارة أبي حيان بقوله: "هذه عبارته" أي: هذه عبارة أبي حيان في (شرح التسهيل)، وكأن السيوطي قال ذلك للتبرؤ؛ لأنه أورد ذلك للتمثيل، لا لكونه يرى رأي أبي حيان لأن غيره صحح الأصل.