ومثل هذا الكلام قول الشاعر إذا اضطر النابغة:
.... ..... ....... ....... ... يا بؤس للجهل ضرارًا لأقوام
حملوه على أن اللام لو لم تجئ لقلت: يا بؤس الجهل"، انتهى. وبيان ذلك أنه إذا وقع بعد الاسم المفرد المنفي بلا النافية للجنس، إذا وقع بعده اسم مجرور باللام، فالأصل والقياس أن يكون الاسم مبنيًّا مركبًا مع لا وأن يكون الجار والمجرور بعدهما في موضع النعت للاسم، أو في موضع الخبر كما قال السيرافي فيقال: لا غلام لك، ولا أبا لزيد، ولا أخ لعمرو، إلى آخره، كما قال نهار بن توسعة اليشكري:
أبي الإسلام لا أب لي سواه ... إذا افتخروا بقيس أو تميم
وكما قال الآخر:
هذا لعمركم الصغار بعينه ... لا أم لي إن كان ذاك ولا أب
غير أن العرب قالوا: لا أبا لك ولا غلامَي لك، ولا مسلمي لك، مخالفين بذلك الأصل والقياس، وقد اختلف النحاة في توجيه هذه الأساليب الخالية عن القياس على ثلاثة مذاهب، والذي يعنينا من هذه المذاهب هنا مذهب الخليل وسيبويه والجمهور، وهو أن اسم "لا" في العبارات المذكورة ونحوها مضاف إلى المجرور باللام، فهو معرب منصوب، أما اللام الواقعة بين المتضايفين فهي زائدة مقحمة بين المضاف والمضاف إليه لأمرين؛ الأمر الأول: لتأكيد الإضافة، إذ الإضافة في هذه العبارات ونحوها على معنى اللام، فاللام الظاهرة تأكيد للام المقدرة التي الإضافة بمعناها، كتيم الثاني في قولهم: يا تيم تيم عدي. والأمر الثاني: للفصل بين المتضايفين لفظًا حتى يصير المضاف كأنه ليس بمضاف، فلا يستنكر لفظه، وهم قد قصدوا نصب هذا المضاف المعرف بلا من غير تكرير لا تخفيفًا، وحق