ترفع كلًّا بما الحجازية على أنه اسمها، وتخفض سوداء بالإضافة، والفتحة علامة الخفض؛ لأنه لا ينصرف لألف التأنيث الممدودة، وتمرة منصوب على أنه خبر ما، والواو عاطفة، وبيضاء مخفوض أيضًا على تقدير إضافته إلى لفظ كلٍّ أخرى محذوفة، كأنك لفظت بها فقلت: ولا كلُ بيضاءَ، وشحمة منصوب عطفًا على تمرة. وهذا الإعراب الذي ذكره ابن يعيش إنما هو على مذهب الخليل وسيبويه والبصريين، ونحن نلاحظ أن العطف فيه إنما هو على معمولي عامل واحد، فما بعد العاطف في التقدير وهو كل بيضاء معطوف على اسم ما، وهو كل سوداء. وشحمة بالنصب معطوف على خبر ما، وهو تمرة المنصوب، فالعامل واحد وهو ما الحجازية، والعطف من باب عطف المفردات، وفي هذا الإعراب قبح، وهو تقدير حذف الجار وهو لفظ كل الواقع مضافًا إلى لفظ بيضاء، وفي ذلك حذف للجار وتبقية للمجرور كما تقدم.
وقال ابن يعيش: "وكان أبو الحسن الأخفش وجماعة من البصريين يحملون ذلك، وما كان مثله على العطف على عاملين، وهو رأي الكوفيين، وذلك أن بيضاء جر عطف على سوداء، والعامل فيها كل وقوله: شحمة منصوب عطفًا على خبر ما أي: والعامل ما، ومثله عندهم: ما زيد بقائم ولا قاعد عمرو تخفض قاعدًا بالعطف على قائم المخفوض بالباء، وترفع عمرًا بالعطف على اسم ما، فهما عاملان الباء وما، كما كان في المثل عاملان: كل وما، قالوا: وقد عطفت شيئين على شيئين، والعامل فيهما شيئان مختلفان، وسيبويه والخليل لا يريان ذلك ولا يجيزانه، والحجة لهما في ذلك أن حرف العطف خلف عن العامل ونائب عنه، وما قام مقام غيره فهو أضعف منه في سائر أبواب العربية. فلا يجوز أن يتسلط على عمل الإعراب بما لا يتسلط ما أقيم مقامه، فإذا أقيم مقام الفعل؛