ومن الشروط التي اشترطها الفراء أنه لا يجوز أن يُمد من المقصور ما لا يجيء في بابه ممدود، فنحو: فَعْلى تأنيث فعلان مثل: سكرى وعطشى، هذا لا يجوز أن يمد، لأن مذكره سكران وعطشان، وفعلى تأنيث فعلان لا تجيء إلا مقصورة، ولا يجوز أن يقصر من الممدود ما لا يجوز أن يأتي في بابه مقصور نحو: تأنيث أفعل مثل: بيضاء وسوداء، فهذا لا يجوز أن يقصر؛ لأن مذكره أبيض وأسود، وفعلاء مؤنث أفعل لا يكون إلا ممدودًا". وقد ذكر الأنباري أن ما ذهب إليه الفراء من اشتراطه في قصر الممدود أن يجيء في بابه مقصور باطل؛ لأنه قد جاء القصر فيما لم يجئ في بابه مقصور، ومن ذلك قول الأعشى:
والقارحَ العَدَّا وكل طِمِرَّة ... ما إن تنال يد الطويل قذالها
والقارح: أراد به الفرس الذي اكتمل سنه، والطمرة: العالية، والقذال: جماع مؤخر الرأس، والشاهد قوله: العدا، أراد العَدّاء فقصره للضرورة، ووجه الاستشهاد بهذا البيت أن العداء صيغة مبالغة فعلها عدا يعدو، ولم يأت في صيغ المبالغة مقصور حتى يُحمل هذا عليه. ومن قصر الممدود المجمع على جوازه قول الراجز:
لابد مِن صنعا وإن طال السفر
......
والأصل صنعاء، وأما مد المقصور فموضع خلاف بين النحويين، إذ أجازه الكوفيون متمسكين بقول الشاعر:
سيغنيني الذي أغناك عني ... فلا فقر يدوم ولا غناء
بمد غناء، والأصل عند الكوفيين غنى، فلما اضطر الشاعر مده. وذهب البصريون إلى أن غناء في البيت مصدر لغانيت؛ لأنهم يمنعون مد المقصور ولو في ضرورة الشعر، فتعارض قولان؛ أحدهما مجمع عليه والآخر مختلف فيه، فكان المجمع عليه أولى من المختلف فيه.