وذهب أكثر العلماء ومنهم ابن جني إلى أن مذهب سيبويه هو القول الثاني أي: أن التاء فيهما للإلحاق، ذكر ذلك في (الخصائص)، وفي (سر صناعة الإعراب)، وفي (المنصف)، كما ذكر أن أصل أخت أَخَوَة، وأصل بنت بنوة، وأن وزنهما في الأصل فَعَل، فنُقلوا إلى فُعْل وفِعْل، وألحقوهما بالتاء المبدلة من لامهما بوزن قفل، وحِلْس، فقالوا: أخت وبنت، وقال في (سر صناعة الإعراب): "وليست التاء فيهما بعلامة تأنيث، كما يظن من لا خبرة له بهذا الشأن؛ لسكون ما قبلها هذا مذهب سيبويه، وهو الصحيح وقد نص عليه في باب ما لا ينصرف فقال: لو سميت بهما رجلًا لصرفتهما معرفة، ولو كانت للتأنيث لما انصرف الاسم" انتهى.
وأوضح ابن جني أن وجه الجمع بين القولين الواردين في كتاب سيبويه أن هذه التاء، وإن لم تكن عنده للتأنيث فإنها لمَّا لم توجد في الكلمة إلا في حال التأنيث؛ استجاز أن يقول فيها: "إنها للتأنيث"؛ على أن سيبويه قد تسمح في بعض ألفاظه في (الكتاب) فقال: "هما علامتا تأنيث" وإنما ذلك تجوز منه في اللفظ؛ لأنه أرسله غُفْلًا، وقد قيده وعلله في باب ما لا ينصرف، والأخذ بقوله المعلل أولى من الأخذ بقوله الغفل المرسل، ووجه تجوزه أنه لما كانت التاء لا تُبدل من الواو فيهما إلا مع المؤنث صارتا كأنهما علامتا تأنيث. ونذكر تفسيرًا لبعض الكلمات اللغوية التي وردت في نصوص (الكتاب) السابقة، فنقول: القَتُّ: الكذب، وقحطبة: عَلَم، والسنبتة: سوء الخلق، وسرعة الغضب، والمدة من الزمن، والهنت: كناية عن الشيء يُستفحش ذكره، والجندلة: واحدة الجندل، وهو الصخر العظيم، والعِدْل: من معانيه المثل والنظير.