ومعنى ما ذكره سيبويه أن الكسكسة هي إلحاق الكاف سينًا، ولذلك قال الرضي في شرحه على الكافية: "وأما سين الكسكسة، وهي في لغة بكر بن وائل فهي السين التي تلحقها بكاف المؤنث في الوقف، إذ لو لم تلحقها لسكنت الكاف، فتلتبس بكاف المذكر، وجعلوا ترك السين في الوقف علامة المذكر، فيقولون: أكرمتكس، فإذا وصلوا لم يأتوا بها؛ لأن حركة الكاف إذن كافية في الفصل بين الكافين" انتهى. ومن العلماء من ذهب إلى أنها إبدال الكاف سينًا كما تقدم في الحديث عن الكشكشة.
ثالثًا: العنعنة بعينين مهملتين ونون، وقد نُسبت هذه اللهجة إلى تميم وقيس وأسد، ومن جاورهم، والمراد بها جعل الهمزة المبدوء بها عينًا، وقد أورد السيوطي في كتاب (الاقتراح) ثلاثة أمثلة للعنعنة فقال: "تقول في أنك عنك، وفي أسلم عسلم، وفي إذا عذًا". فهذه الأمثلة الثلاثة التي أوردها السيوطي يُفهم منها أن العنعنة هي إبدال الهمزة عينًا إذا وقعت في أول الكلام مطلقًا دون تخصيص، ومن العلماء من ذهب إلى أن العنعنة هي إبدال همزة أنْ وأنَّ وحدهما. وإلى هذا ذهب ابن جني فقال في (الخصائص): "فأما عنعنة تميم، فإن تميمًا تقول في موضع أنّ عن، تقول: عن عبد الله قائم، وأنشد ذو الرمة عبدَ الملك:
أعن رسمت من خرقاء منزلة
انتهى". وهو صدر بيت عجزه:
ماء الصبابة من عينيك مسجوم
ترسمت الدار أي: تأملت رسمها بأن نظرت وتفرست أين تحفر أو تبنى، وخرقاء هي صاحبته والهمزة في أول البيت للاستفهام التقريري، خاطب به نفسه