موضع نصب على نزع الخافض، وسيبويه أجاز هذا، كما أجاز أن يكون في موضع جر معللًا ذلك بأن هذا الموضع كثر استعماله، فجاز فيه حذف الجار قياسًا على حذف رُب، واعتمادًا على نظائره من نحو قولهم: لاه أبوك، والأصل لله أبوك. وقد نبه سيبويه على أن هذا الرأي الأول إنما هو لشيخه الخليل.
العلة النحوية في القرن الثالث الهجري
مع بداية القرن الثالث الهجري ظهرت عند بعض النحويين فكرة تخصيص العلة النحوية بمؤلفات خاصة بها، مقصورة عليها، فألف تلميذ سيبويه أبو علي محمد بن المستنير الذي أطلق عليه شيخه سيبويه لقب قطرب، والمتوفى سنة ست ومائتين من الهجرة، ألف كتاب (العلل في النحو) كما ألف أبو عثمان المازني المتوفى سنة تسع وأربعين ومائتين من الهجرة على الراجح، ألف في علل النحو أيضًا كتابًا، ثم ظهر من وجّه عناية فائقة بالتعليل، وكان من أعمدة المدرسة البصرية، وهو محمد بن يزيد المعروف بالمبرد المتوفى سنة خمس وثمانين ومائتين.
وقال عنه ابن جني: "يُعدُّ جيلًا في العلم، وإليه أفضت مقالات أصحابنا أي: البصريين، وهو الذي نقلها، وقررها، وأجرى الفروع، والعلل، والمقاييس عليها" انتهى. وقال عنه الأزهري في مقدمة (تهذيب اللغة): "كان أعلم الناس بمذاهب البصريين في النحو ومقاييسه"، وقال عنه صاحب (المدارس النحوية): وكان يحتكم دائمًا إلى القياس ولكنه لم يكن يقدمه على السماع عن العرب، بحيث يرفض ما ورد على ألسنتهم، أو قل، أو كثر على ألسنتهم؛ فقد كان يرد ما يخالف الكثرة الكثيرة الدائرة في أفواههم، ولكن حين لا توجد هذه الكثرة كان يُفسح للقياس، وكذلك كان يفسح له حين يشيع استعمال بين العرب، وليس